هذه القصيدة، مهداة، لرفيق فضاءات الأدبيات الإبداعية، المتطلعة إلى الآفاق الكونية،إلى الأخ الكريم، والأستاذ الواعي، "يونس إمغران"، من وحي حبيبتنا طَنْجَة، أهديك، هذه الرباعية.
-1-
عَوْدٌ على بَدْئٍ،
على بَريقِ العُبور،
بَحْرٌ على بَحْرٍ على نَهْدِ فَهْدٍ،
على ثُرَيّا شاشَةِ المُرور.
حينَ تَسابَقا، القَلْبُ والبَريق،
حُسامُ النُّبُوّةِ يُؤْنِسُني ويَروق،
رَوْنَقًا عَصْرِيّا ونُبُوّةً مُذَهّبَةَ الرّيق،
مُتَفَشّيّةً كَذلِك في أَنْفاسِ الشّروق.
بِلا جَسَدِ روحٍ تَغْدو وتَروح،
ولا ريحٌ ولا راحٌ ولا رَيْحان،
ولا كَلِمٌ مُعَرِّجٌ نَحْوَ العُلا يَبوح،
بِالنّبُوّةِ لِحَسْناواتِ نيسانْ.
حينَ بِجُرْحِهِ الحُبُّ يَعْلو،
حينَ رَبُّ العُزْلَة ورَبّةُ الصّدى،
كِلاهُما بِنارِ الشَّوْقِ، يَبْلو،
جَمالٌ أَبَدِيٌّ ولَفْحَةُ مَدى.
-2-
أَمَلي أَنْ أُدْرِكَ الوُصولْ .. !
أَمَلي أَنْ تُعاوِدَ الكّرّةَ وتَعود،
على صَهْوَةِ جَوادٍ أَصيلْ
والعائِدُ يَتَمَنّى لَوْ يَسودْ.
لَكِنّ لِلصّخْرَةِ حِكايَة،
طارِقٌ مَرّ بها رِوايَة،
وعَلَيْها سَكَرَ المُلوكُ وُرود،
لَكِنّ مُنى العاشِقِ لا تَسود.
أَمَلي أَنْ تَعودَ شَرودْ،
ورَبِّ الكَعْبَة عَلّها تَجود نُجود،
لولا أَنّ سَنابِكَ الخَيْلِ الغَجَرِيّة،
قَد تَنَبّأتْ سَنابِكُها بِذَهَبِ "عَدَوِيّة"
لا دَعوى لِلرّحيلِ إِذَنْ،
أَشْرِعَةٌ تُصَلّي في مَجاري الرّيح،
وبحارٌ مِن مَعْدِن عَدنٍ .. شَجَنٍ،
ومَلائِكَةٌ تُناجي عُيونَ المَليح.
-3-
كَذلِكَ كانَ الصّهيل،
مُهْرَةٌ مَجْنونَةٌ تَصول،
حبّاةُ عِقْدٍ فَريد مِن الزّمَن،
ونَجْمَةٌ زَرْقاءُ على شِفاهِ الوَثَن.
وفاضَ الفَجْرُ حَريرًا،
وتَدَلّى لُجَيْنُ ضِياء،
سَقّاءٌ أَعْمى يَرعى الفُصول،
وشاعِرٌ مُبْصِرٌ في المَعاني يَجولْ.
ثُمّ تَغَشّتْهُ الأُنْثى،
غُثاءً أَحْوى وخَرير شَذى،
قَد تَلَوّى على نَصيفٍ ناهِد،
قد يَمّمَ روحَهُ لِنافورَةِ المَساجِد.
دَعوني إلى أَوّلِ زَيْتونَة،
أَو رُمّانَة أَو كَرْمَة مَجْنونَة،
أَنْسُجُ الوَحْيَ لِمَرْيَمَ ونَجِيّة،
مِن ظِلّ شَجَرَة نُبُوّةٍ عَصِيّة.
-4-
دَعوني أَصِلُ إِلَيْها،
شَجَرَةٌ عَبْقَرِيّة الذِّهْنِ نَبَوِيّة،
إلَيْها تَصاعَدُ روحي عَلَْيها،
شَجَرَة زَرْقاءُ خارِقَة بَدَوِيّة.
ولَكِنّ الرّوحَ تَكَلّم في الهَواء،
وسَكَنَتِ الرّيحُ والعَصافيرُ ضِياء،
ومَشَتِ القِلاعُ مُتَوّسِعَةً في الخَلاء،
وفاضَتِ الحجاج تَلْبِيَة لِلنّداء.
وقَدِمَ بَعْدَ سَفَر بَهاءِ القَدَر،
ونَطَقَ بِلُغَة الضّادِ وانْدَثَر،
قُصورٌ مِن ذَهَبٍ تُشاد،
وصَوامِعٌ وسَوادُ "عاد"
الآنَ أَعودُ إلى الحَديقَة،
الآنَ أُزَيّنُ حَواشِيّ الحَقيقَة،
مَدينَةٌ بيعَتْ بِغَبَرَةِ بَيْضاء،
مَدينَةٌ صارت أَبْناؤها بُلَهاء.