مسرحية : هطولاً نحو خريف قادم-حيدر عبدالله الشطري
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
مسرح

مسرحية : هطولاً نحو خريف قادم

 ماقبل الهطول....
تلك هي الجذوة....
ثمة احتراق مـــــا....يؤرق الصمت
فتبتلي حلقة الوصل بمهمة أخرى........
في أي انتظار يتربص فيك وجه القدوم ..ستجد تفاصيل هذه المهمة
أيها العائد......
من حيث التشابه .....
إني مزروع هنا  وتلك هي اللحظة الأم.....
حتى وان تساقط الانتظار
أيها العائد......
مــــر بأصابعك  الخريفية وعـــــد وريقاتي واحدة تلو نفسها ....
وسيبقى في تلك الأغصان شيئا ينذر بالحياة .
ربما تراها دائرة ..أو شيئا بنصف حضور يضفي بك حيث أنت وتصفق جذلا......
لكنك لا تعلم ....
إن ...
الفصول مواسم.....................................................

(فضاء المسرح يدل على ان المكان ...سجن ,في اعلى اليسار نافذة تطل على الخارج,وفي اعلى اليمين نافذة تؤدي الى الحراس)

شخصية1/( يشعل سيكارة ويركز نظره في نقاط معينة ثم يتجه
            بسرعة نحو النافذة التي في اعلى اليسار )
            اوه ....انه نجم يسقط من السماء
            ياالهي لقد هوى على الارض
            ( ينزل من النافذة )

            ماذا سيحل بهذه المدينة الحبلى وماذا سيحل بنا..         .           .اووووووه...
            لقد مللت الانتظار واحس انه سيصهرني كما تصهر
            النارالحديد
             اليس الافراط بالانتظار كالافراط بالطعام والشراب ..
             او كالافراط بالجنس.....؟
            (يتجه نحو نافذة اليمين)
            هيه.....يامن هناك .....من يسمعني ..... ايها الحراس
            ساقول لكم نصف الحقيقة .....ها... مارأيكم بأنصاف
           الحقائق .. أليست افضل من اللا شيىء....؟
           ثم من قال لكم بانكم قادرين على تحمل سماع الحقيقة
          كاملة ......
          (يضحك )
          صدقوني باني سوف لن اكذب عليكم
          (بغضب)
          ولكنكم تريدون ان أكذب عليكم حتى تخرجوني من هنا 
          ... من هذا الجحر.. فمن اجمل الصدق ... ام الزيف ...؟
          (بألقاء واضح )
          ومن اطول الدرب ام السيف ... ؟
          مازلت ومازال الموت فرسا يتململ من تحتي 
          ولكن قد يسقط صقر من نقرة عصفور
          وقد تبني الاسماك بيوتآ فوق الارض
          وقد يوجد من يعدو للخلف
               فالدرب أطول من السيف
شخصية 2 /  هيه الا تكف عن هذيانك ايها الشاعر فانك تزيد من                                                              محنتنا  
شخصية 1 / وما الذي نملكه ونحن في هذا الجحر غير الكلام ايها                     الصياد الصامت .... قل لي : هل توافق اذا ما خرجنا من هنا أن         آتي معك وأعمل صياداً ... فقد جربت الصيد قديما في بركة ماءٍ      صغيرة كانت في أطراف المدينة .... ذهبت لأصطاد فيها سمكا صغيرا ولكني بعد أن اصطدت الكثير منه وضعته في أناء .... رأيته يتحرك ويتلوى ويحاول الإفلات من يدي كلما حاولت مسكه .... وأذهلني أنه لم يمت رغم خروجه من الماء لفترة ليست بالقصيرة .... عندها أعجبني إصراره على الحياة وعدم استسلامه ... بعد هذا أتدري ماذا فعلت .
( يضحك )
لقد أرجعته الى الماء
شخصية 2 / ولكني أخاف أن ترجع السمك إلى البحر مثلما كنت تفعل سابقاً
شخصية 1 / ( بحدة )
               كلا لن أفعلها ثانية ...... فلقد وصفوني بالجنون حينها                       وأريد أن أكون عاقلا الآن
شخصية 2/ البحر ليس كما تعرف أيها الشاعر أنصحك أن تبقى                                          على رزقك المضمون
           شخصية1/  ( يضحك مستهزئا )

 رزقي المضمون....!
انت اول شخص يرى بان الشعر رزق مضمون ...اني اريد ان اذهب للبحر لعلي اصادف حورية تذهب بي الى قصر تحت الماء.
ثم اني مللت بؤس الشعراء ...فالصياد يرمي شبكته في مكان ما ...
فان لم يحصل على شيء فانه يرميها في مكان اخر ..فان لم يحصل على شيء فانه يرجع من حيث اتى
شخصية2/اسمع ايها الشاعر..لقد تعلمت الصيد مع صيادين لايعرفون رغبة غير رغبة مصالحهم وكان علي ان اسكت وانا اول من يرى البحر عندما تتلاطم أمواجه ويحيل السفن الى قطع متناثرة من الخشب ....
اتذكر مرة بكيت فيها بحرقة ..عندما رايتهم يرمون احد عمال السفينة في البحر عندما بدا المرض ينخر عظامه ...ولكني عرفت ايضا ...ان الدموع لاتطفيء الحريق...فهل انت قادر على تحمل ذلك
شخصية1/ ولكني تواق ان اسمع أنين البحر وهو ينساب كقطعة موسيقية من الة كمان ..وأتخيل انه حزين وانه يطلب يد العون فاذهب إليه إلى أن أصل إلى ابعد مدى

شخصية2/ولكنك ستبتعد عن الضفاف

شخصية1/ لايهم فان قاربي متين

شخصية2/ وما تنفع متانة القارب أمام عمق البحر المظلم من تحته

شخصية1/أظنه سوف يحميني

شخصية 2/ سوف لن يحميك ..ذلك الذي يحمل أولئك الصيادين
             البحر ليس كما تعرف ياصديقي
             البحر ليس كما تعرف......!

شخصية 3/ ( ينهض منتفضاً بعد أن كان نائما ويبدأ بالعدِِِ على الأرض )
صفر .... واحد ... أثنان ..... ثلاثة .... أربعة ..... خمسة .... سته .... سبعة ..... ثمانية ..... تسعة ..... عشرة
( ثم يبدأ عكسياً )
عشرة .... تسعة .... ثمانية ..... سبعة ..... ستة ..... خمسة .... أربعة .... ثلاثة .... أثنان .... واحد
( ينتبه )
هذا هو الصفر أن وقفت خلفه صرت عدداً سالباً لا أكثر   ..... ولا أستطيع أن أقف على يمينه فهناك كرسي يحتل المكان
( يشير إلى كرسي موجود )
أن أزحته سيقتلني الحراس وأن جلست عليه حتى أنتم ستشاركون في قتلي وهذا ما جعلكم باقون إلى الآن داخل هذا السجن .... إذن ساقف خلفه
( يقوم بالقفز )
فأنا الآن سالب واحد
شخصية 1 / أتمنى أن تضطرم في صدرك كل الآلام التي أحياها حتى تمنعك أفكارك من النوم
شخصية 2 / ما الذي أيقضك أيها الـ .....
شخصية 3 / لأني رأيت في منامي أن هناك أحداً يريد أن يسرق فاكهتي ، موزاتي الخمس
( ينتبه )
آه .... من سرق موزاتي
( يبحث عنهن في المكان )
هاهنّ موزاتي الخمسة
شخصية 1 / ولماذا لاتقوم بأكل فاكهتك يا صديقي العزيز
شخصية 3 / أني يوميا آكل واحدة منها ..... لقد كان عددها أكثر من ذلك فكل يوم آكل واحدة ..... آخر موزة أكلتها لا أعرف متى ؟ ..... لم يبق منها سوى القشور ..... هل أرميها أمامك
( يحاول أن يرمي شيئا تحت أقدام شخصية 1 )
شخصية 1 / ولكني انزلقت قبل ذلك بكثير
( بحزن بالغ وألم واضح )
كيف يمكن أن نكون بشرا ونحن نعيش في هذا المكان منذ أكثر من تسعة شهور فلقد مرت علينا ثلاثة فصول ونحن نصارع الزمن وننتظر من يجيء إلينا ويحاكمنا ومن الغريب أننا هنا نحس  ببرد الشتاء وبحر الصيف ولكننا لم نحس بالربيع فأين هي علامته .... عجيب أمر هذا السجن ، أيكون بهذه الدرجة من القبح بحيث لا تخترق أسواره الأشياء الجميلة .
وها نحن ننتظر هطول فصل آخر أعتقد بأنه يستطيع أن يخترق أسوار هذا السجن
( يصرخ بأعلى صوته )
يا الهي لا أستطيع تحمله أكثر من هذا .... أريد أن أحاكم حتى أعرف مصيري وينتهي الأمر ..... لقد سئمت ...سئمت
( يقوم برمي الأشياء من أمامه وتكسير كل ما يتناوله )
هيه ... يا من هناك .....
سأشتكيكم إلى الله .... هيا بلغونا متى سيكون موعد محاكمتنا ... وإلا سأقرع كل أجراس العالم حتى تقض مضاجع الظلم في نفوسكم المريضة وتوقظ ضمائركم النائمة
صوت / أسمع أيها الشاعر لقد كان موعد محاكمتكم يوم غد ولكن جاءنا أن القاضي قد نقل إلى محكمة أخرى .... وسيقرر موعد جديد لمحاكمتكم حينما يعيّن قاضيا جديدا لهذه المحكمة
شخصية 1 / ( بإستهزاء )
عش يا حمار الى أن يأتيك الربيع
شخصية 3 / ( يضحك )
ولكن الذي سيأتي هو الخريف هاأنذا أسمع ترانيم الجفاف قادمة.
خريف ... خروف .... خريف ..... خروف
ما الفرق بين الخريف والخروف .
من يعرف الجواب سأعطيه موزة طازجة
( يتجه نحو شخصية 1 )
شخصية 1 / ( يدير وجهه ولا يجاوب )
شخصية 3 / وأنت
( يشير إلى شخصية 2 )
شخصية 2 / لا أعرف
شخصية3 / ( يضحك )
أن الفرق بين الأثنين هو حرف الواو
شخصية1 / أسمعوا أيها الأثنين ..... أنا لا أظن أننا سنحاكم محاكمة عادلة أو أننا سنصادف قاضيا يحترم شيئا أسمه روح القانون
شخصية 2 / وأنا لا أتوقع أن نعيش بقية عمرنا في سجن أحسن من هذا
شخصية3 / وأنا لا أرى أن هذا سجنا .... أنه حديقة غناء تثمر لنا الموز والتفاح وقد أصبح لدي الكثير منه وسأبيع منه على الحراس ... لا ..... لا بل سأقايضهم ، الموزة بـ ..... بحبة أسبرين .... فأني أحس دائما بالدوار كما أن أسناني بل ما تبقى من أسناني تؤلمني ولم أعد أستطيع أن امضغ به الخبز اليابس
( يتحسس بطنه ويتبين أنه يريد قضاء حاجته )
أحس أني سوف أطرح أمعائي لأنها لم تعد تطيق تحمل الأشياء التي تدخلها .... تريد أن تلحق بالقولون بعد أن أسلم روحه وسقط في المرحاض ..... لم أعد أعرف أن تبقى شيء في أحشائي الداخلية ... فمعدتي لم أعد أسمعها وهي تصدر أصواتا غريبة ، اما الكلية فلا أدري ما الذي أصابها لأني ومنذ عدة أيام لم أبل بولا أصفر
( يضحك )
 اوه..تذكرت أني املك عضوا واحدا فقط
( يتناول اسطوانة ليقضي حاجته ويتجه نحو أحد زوايا المسرح )
شخصية 1 / كيف يدفن الأنسان في مثل هذا القبو المظلم .... يدفن بكل تاريخه وأحلامه وآلامه ..... بكل آماله وأوجاعه .... يشطب من خارطة الإنسانية بجرة قلم
( يصرخ بأعلى صوته )
الهي ، ألست بربي ألست من خلقني وأتى بي إلى هذا العالم ...... هاأنذا راكع أمامك طالبا منك النجاة والخلاص .... هاأنذا راكع أمامك في بركة من الأوساخ والدم والبصاق ولا حول لي ولا قوة ...
أرجوك لماذا تدعنا نموت هنا دون أن يبكي علينا أحد ، لماذا تدعنا نرحل من هذه الدنيا دون أن نودع بالمناديل البيضاء والشهقات والزفرات .
أن مجرد بقائنا أحياء هو انتصار ضد الظلم
شخصية 2 / إلى متى ستبقى منهارا هكذا .... ألم أقل بأنك تزيد محنتنا محنة
شخصية 1 / وهل تستطيع أن توقف قلبا نازفا بالآلام أو ذاكرة نازفة بالذكريات .... ثم هل هناك أتعس من رجل لا يعلم ما سيفعل غدا .
سأطلب منهم ما أن يحاكمونني طلبا واحدا .... أن أرى أطفالي فقد اشتقت إليهم كثيرا ..... أين هم الآن .... ماذا يفعلون .... ماذا فعل بهم غيابي .... لقد تركتهم ولم يمض على ولادة آخرهم سوى شهر واحد ..... أين زوجتي الآن .... أظنَها واقفة أمام صورتي المعلقة في غرفة نومنا تحاكيها وتخاطبها ، تغازلها وتبكي أمامها .
هيه... هيـــــــــــــــــه .... يا كل ملائكة الله
من يستطيع أن يفقأ عيون هذا الليل الأعمى ..... انها كعيون قط متوثب
شخصية 3 / الليل يشبه الإنسان .... له رأس وجسم ويدين ..... وله قلب أيضا .
والإنسان يشبه الليل ، له أول وله آخر .... أنسان يعمه الظلام وآخر يملؤه النور .
وعندما ينتهي الليل يبدأ فجر جديد...
ولكن عندما ينتهي الإنسان .......

شخصية 1/ يبدأ ليل جديد ..........!
               (يخاطب الاثنين )
              اسمعوا أيها الاثنين ....إن تعيين قاضٍٍ جديد يأتي لمحاكمتنا هذا أمر لا يعلمه الا الله واعتقد انه سيستنزفنا لذلك ليس أمامنا سوى حل واحد

شخصية2/ وماهو ياشاعر النحس

شخصية 1/ أن نقوم بمحاكمة بعضنا ...!
              نعم يقوم كل منا بدور القاضي ويحكم

شخصية 3/ عندما يصل الإنسان إلى درجة من اليأس يحيل خلال لحظات كل مواقفه البطولية الى(........)
ويحكم على نفسه بالانتهاء .....
أي كالبغلة التي تقاضي نفسها وترمي بها من أعلى الجبل عندما لم تعد تتحمل المشقة ...
أو كالعقرب الذي يلدغ نفسه عندما يحاصر بالنار.

شخصية 2/ وما الداعي لأن نحاكم بعضنا

شخصية 1/ إذا لم يكن هناك من يعلمنا بمصير معلوم ...فلنبحث عن خلاصنا بأنفسنا ونمضي إليه

شخصية 3/ (يدور في انحاء المسرح بهستيريا )
             ان البحث عن الخلاص كالبحث عن نبات الفطر في الصحراء يعييك العطش حتى تجده  وعندما تجده قد يكون ساما....!

شخصية 2/ (يخاطب شخصية1)
               ولكن كيف

شخصية 1/ نعقد محكمة  أكون فيها القاضي ...وأحاكمك
وفي الأخرى تكون أنت القاضي وتحاكمني
بشرط أن يقبل كل منا بحكم الآخر

شخصية 2/ (يشير إلى شخصية3)
            وهذا المسكين من يحاكمه ...؟

شخصية1/  سنقوم نحن الاثنين بمحاكمته

شخصية2/ كلا ...كلا .. أنا لااوافق على لعب مثل هذه اللعبة

شخصية1/ ولكننا لا نملك غير ذلك ثم إنني سأراعي ظروفك وسأحاكمك بروح القانون وأنت أيضا افعل معي هكذا

شخصية3/ أنا لا أوافق

شخصية1/ ولماذا 

شخصية3/ لأني لا أريد الخروج من بيتي

شخصية1/ ومن قال لك بأننا سنحكمك بالإفراج

شخصية3/ ومن قال لك بأني لم أحاكم

شخصية1/ بل سنحاكمك رغما عنك
            (بحزن )
             إيه ...أيتها القضبان الحديدية الصمَََََاء كيف استطعتي أن تغلبينني وبسهولة حتى جرد تيني من إنسانيتي كما يتجرد الإنسان من ملابسه في حر القيظ

شخصية2/ اقسم بأنك لم تكن شاعرا في يوم من الايام
شخصية1/ وما ينفع الشعر امام  ان تتدلى رقبتي من حبل او يتدحرج رأسي على الارض ....
والان من منا سيحكم اولا

شخصية2/ انا ساقوم بمحاكمتك اولا

شخصية1/ ولماذا لايكون انا

شخصية2/ ومــا الفرق اذا كان تنفيذ الحكم بعد الانتهاء من المحاكمة

شخصية1/ صحيح ..ولكن اذا مــاكان حكمنا نحن الاثنين بالاعدام فمن سينفذ بنا الحكم

شخصية3/ أنا.......

شخصية1/ بل سأقتلك قبل ان تفعل ذلك

شخصية3/ وهل يموت الانسان مرتين .....؟ او يأتي الخريف في السنة اكثر من مرَة

شخصية2/ والان ماذا نفعل ...؟

شخصية1/ لماذا لا نلجأ للقرعة

شخصية2/ هذا أكثر عدلا

شخصية1/ (يقوم بنزع خاتم من إصبعه ويضعه في إحدى يديه ويخفيهما خلف ظهره ثم يخرجهما مغلقتين )
هيا قل لي أين الخاتم .....؟

شخصية2/ بل افتح يديك الاثنتين حتى اعرف انك لا تخفي خاتمين في يديك كلتاهما

شخصية1/ اطمئن يا صديقي فأنا حريص على حياتك لأني اعرف ما هي تهمتي وما هو الحكم عليها
       ( يعيد اللعبة مرة اخرى بعد ان يريه انه يحمل خاتم واحدا)
        اين الخاتم ...؟

شخصية2/ (بعد ان يفكر قليلا )
             هاته.. من اليد اليمنى

شخصية1/ (يقوم بفتح يديه ويظهر ان الخاتم في يده اليسرى )
             اخطأت ........!
            اذن سأكون انا القاضي اولا
            (يقوم بلبس رداء خاص ويجلس على كرسي )
            محكمـــــــــــــــــة........!
           تقدم ايها المتهم .....ما هي تهمتك....؟

شخصية2/ سيدي القاضي ...قبل اكثر من تسعة شهور وبينما كنت ارمي بشبكتي في النهر محاولا اصطياد ما يمكن اصطياده وكما تعرف إن هذا عملي فانا لااجيد غيره ...لا أطيل عليك وبينما كنت ارمي بشبكتي في النهر حتى أحسست باني لا استطيع سحبها وعند ذلك فرحت لأني علمت باني اصطدت سمكة كبيرة فحاولت مرة أخرى أن اسحبها ولكني لم استطيع أيضا فشددت الحبل على صخرة ونزلت إلى النهر لجرها ...وصعقت لأني رأيت بأن شبكتي مسكت بسمكة كبيرة لايمكن تصورها وان السمكة لا تستطيع الفرار ....ثم خرجت من النهر واستعنت ببعض الصيادين ممن كانوا بالقرب مني وقمنا بسحب الشبكة وهي تمسك بالسمكة  ومن ثم قمت بنقلها إلى السوق حتى أبيعها بسعر كبير ...نعم فهذه السمكة لايمكن أن تسمى سمكة لأنها اكبر من سمكة واصغر من حوت ...وعندما عرضتها في السوق ذهل الناس من ذلك حتى علم رجال السلطان الذين اقتادوني أنا والسمكة ....ومنذ ذلك اليوم وأنا هنا ....!

شخصية1/ بأي تهمة .....؟

شخصية 2/ بتهمة إن النهر الذي اصطدت منه السمكة لا تعيش به هكذا اسماك  ..وقالوا لي من أين أتيت بهذه السمكة الكبيرة فحاولت إقناعهم باني اصطدتها من النهر ولديّ شهود على ذلك ولكنهم لم يحاولوا حتى سماعي ومنذ ذلك الحين وأنا مرمي هنا ....!

شخصية1/ ولكن ...صحيح كيف أتت هذه السمكة الكبيرة إلى هذا النهر الصغير

شخصية2/ وهل أنا الذي قمت بدعوتها

شخصية3/ (يخاطب شخصية1 )
            ان هذا النهر يحوي أسماكا كبيرة من هذا النوع ولكنكم لاترونها ...نعم لاترون الا الخفافيش التي تملأ سقوفكم ....!

شخصية1/ اسمع أيها الصياد ...انك تكذب ..من أين أتيت بهذه السمكة

شخصية2/ إذن أنت تشبه رجال السلطان ..أولئك الذين اعتقلوني ..أنا ارفض هذه المحكمة

شخصية1/ لا تملك حق الرفض ...أنت تسمع وتنفذ فقط

شخصية3/ (يخاطب شخصية2)
       الا  تعرف ماذا حل بسمكتك ....؟

شخصية2/ لا اعرف ولكنني أظنها  صارت في البطون ....!

شخصية3/ ان من لا يعرف بكون الصقر صقرا يقوم بذبحه وأكله

شخصية 1/ محكمـــــــــــة..حكمت المحكمة على الصياد بالسجن الى ان يحين معرفة سبب لجوء السمكة الى هذا النهر

شخصية2/ ظلم....هذا ظلم ...هيا انزل حتى اقوم بمحاكمتك ..لقد جاء دوري .
   (يقوم بنزع رداء شخصية1 رغما عنه ويلبسه هوويجلس مكانه)

شخصية1/ اسمع ...انك لاتستطيع محاكمتي لأنك لاتفهم بالشعر وقضيتي تختص به

شخصية2/ وهل كنت تفهم بأمور الصيد والسمك حتى تحاكمني ..اسكت وإلا حكمتك بدون محكمة ..
ماهي تهمتك أيها المتهم ....؟

شخصية1/ كما تعرف فأنا شاعر ..وكنت كلما اكتب قصيدة كانوا يسألوني عن معناها وعن القصد منها ..وقد كانوا يخافون مما وراء الكلمات ..وكنت في كل مرة أتخلص منهم بسهولة لأنهم أغبياء لايعرفون بالشعر شيئا ..ولكن في إحدى المرات سألوني عن معاني ودلالات في قصيدة كتبتها ولم أكن أتصور أنها ستثيرهم وسوف يعرفوا انها ضد السلطان ....ومنذ ذلك اليوم وانا هنا .

شخصية2/ ولكن صحيح ...انك تكتب ضد السلطان

شخصية1/ اذن انت تشبه رجال السلطان ..الذين اعتقلوني انا ارفض هذه المحكمة .

شحصية2/ لا تملك حق الرفض ...انت تسمع وتنفذ فقط

شحصية3/ وماذا قلت في تلك القصيدة

شخصية1/ وهل هناك متسع للشعر في هذا المكان ايها المجنون

شخصية3/كيف يمكن للانسان ان يستعجل خريف قادم بالسير اليه سريعا....؟

شخصية2/ حكمت المحكمة على الشاعر بالسجن الى ان يترك كتابة الشعر بهذه الطريقة الغامضة

شخصية1/ ظلم ..هذا ظلم

صوت/ قرار..يعين السيد (س) قاضيا في هذه المحكمة وبالتسلسل رقم اربعة ضمن قائمة القضاة الذين عملوا فيها ..وسنعلمكم  فيما اذا كان هذا القاضي الجديد سينظر في الدعاوي السابقة ام لا... في قرار لاحق

الجميع/ كلا...كلا
         (يسقطون)



          انتهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت



 
  حيدر عبدالله الشطري (2010-09-02)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

مسرحية : هطولاً نحو خريف قادم-حيدر عبدالله الشطري

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia