قدمت فرقة "تري سيكل" الإسبانية مساء يوم أمس الخميس16-9-2010 بمسرح الدراما بدار الأسد للثقافة والفنون بدمشق آخرعروضها المسرحية الإيمائية مئة بالمئة والتي دامت على مدى يومين متتاليين وقدمت فيها خلاصة فنون البانتوميم الممزوج بروح الكوميديا الحركية.
وتمكنت "تري سيكل" أن تملئ قاعة مسرح الدراما بمقالبها الظريفة معتمدةً على طرافة استثنائية في تحويل الجسد إلى مادة خصبة من الإيحاءات التي أخذت قالب السخرية اللطيفة من مفردات اليومي حيث ركزت الفرقة الإسبانية على خبراتها المتنوعة في تقديم سياقات خيالية لمسرح هزلي تفاعل مع الجمهور لحظةً بلحظة.
كما نجحت "سيكل" في تنميط عدد متنوع من المواقف والمآزق الدرامية الكوميدية لافتةً متفرجيها إلى مساحات جديدة في صناعة فن المضحك متنقلةً بين أنواع مختلفة من كتابة القصة الفكاهية عبر ثلاثة ممثلين ملؤوا على مدار ساعة ونصف الساعة أجواء المسرح بنماذج كاريكاتورية استقوها جميعها من طزاجة الحياة وتناقضاتها.
ودمجت الفرقة الإسبانية بين فن الإيماء والمشاهد اللازمنية المكتوبة وفق ارتجالات الخشبة منتهيةً إلى مزيج عارم من المتعة التي تفاعل معها الجمهور لاسيما في مشهد مضيفات الطائرة حيث هبط ممثلو الفرقة إلى أرض الصالة في لحظة مفاجئة ليوزعوا الجرائد على الجمهور بطريقة طريفة كسرت الجدار الرابع للفرجة المسرحية الملتزمة بالمراقبة والتلصص على مجاميع الممثلين.
واستطاع كل من الممثلين إدوارد مينديز بوميس و خوام أورتانوباس كاساس و أنطونيو خوسيه كارسيا ديل فالي الدمج وفق إيقاعيات متعددة على المسرح بمساعدة الموءثرات الصوتية وبعض من قطع الديكور البسيطة بين أكثر من كستوى للعب الحر الرشيق لاسيما في لوحة طبيب الأسنان التي تمكن من خلالها الممثلون الإسبان من انتزاع تصفيق الحضور وضحكاتهم طوال فترة العرض.
و تتمتع فرقة تري سايكل بحداثة فنية عالية المستوى من خلال التأليف الشخصي للمفارقات الحركية ذات النهايات الاجتماعية الإنتقادية للكسل البشري حيث تولف الفرقة الإسبانية بين مواقف سخيفة اعتيادية وبين رغبات إنسانية تتحول إلى مادة جوهرية للدعابة الخالية من الاصطناع والمنسوجة بدقة متناهية تختلط فيها ملامح الشخصيات الجدية المنكسرة بملامح الهزل والفكاهة ذات الأشكال الرياضية كما في لوحة لاعبي التنس.
وتركز الفرقة الإسبانية على إطلاق أزمنتها الفنية على المسرح بالتنويع المستمر على ما تؤلفه من حركيات بعيدة عن الموضة والكليشيهات التقليدية لفن الإيماء غارفة من حس الدهشة الطفولية لاسيما في إنجاز منكهاتها الخاصة للطرفة الإيمائية المصحوبة عادةً بتبادل المواقع والمواقف بين الممثلين وفق إيقاعية موسيقية لا تترك مجالاً أمام المتفرج التوقف عن المتابعة والضحك.