حكاية مع أو ل إنسان-ماهر طلبه – القاهرة - مصر
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

حكاية مع أو ل إنسان

  ماهر طلبه    

زمان … زمان قوى ، كان فيه إنسان … أول إنسان ، مش آدم لكن إنسان .. ، ولإنه لقى نفسه فجأة على الأرض بعد الطرد .. فتح باب دماغه وبدأ يحاول يحل مشكلتين … الجوع والبرد …
للأولى فكر فى الشغل ، وللثانية فكر فى الونيس …. للأولى مد فتلة حيرته  وعمل من فكره نول وبدأ يغزل ، وللثانية نشر فى جريدة يومية إعلان  " مطلوب ونيس " .. . للأولى كان كل يوم مع كل صبح يطول توبه مسافة يوم ، وللثانية كان كل يوم مع كل صبح توصل له رسالة يفتحها تطلع قدامه صفحة بيضا…
لما وصل توبه لطول البيع رفعه على أكتافه ونزل به ناحية السوق ، ولما فتح يوم صندوق جواباته ومالقاش رسالته – الفاضية – قلق وحس باليأس ….
فى السوق جت وقفته جنب تاجر خيش .. نزل توبه وعرضه … " يمكن يكون نصيب بضاعتى زى نصيب بضاعته "… لكن كل واحد كان يلمس التوب أو يحطه على جسمه تنتابه الحيرة .. " من إيه اتعمل التوب دا ؟!!" .. ويحط التوب ويمشى … لحد ما جاره – إللى لاحظ – قرب منه … سأله
- أنت عامله من إيه التوب دا ؟
ومد إيده مسكه ، قلب فيه … رماه وقال له
- مش هيتباع ألا للقاضى .. ماتتعبش نفسك .. هو بس إللى يعرف يتعامل مع الحيرة .
شال توبه على أكتافه من جديد ومشى ناحية بيت القاضى …
فى الطريق .. كانت مشاكله بتتجسد قدام عينيه حيرة ويأس … وقف  على باب بيت القاضى ونده … خرجت … قلبه رفرف … حَلْمُه … سألته
- عايز إيه ؟
- عايز القاضى
- روح له بيت العدل
- أنا مش طالب عدل ، أنا طالب رحمة
لمحت على إيده التوب … مدت إيدها لمسته .. قلبه رفرف … حَلْمُه … فردته على جسمها … " الله جميلة "… ارتاح باله .. حست بالحيرة .. سابته وتوبه على الباب ودخلت تنده للقاضى …
وقفته على الباب طالت .. ذهنه شرد منه … قابلها فى مكان تانى .. وزمان تانى .. زى ما يكون جنة .. " الله جميلة " … لمسها .. يا ترى هتوافق ، يا ترى هيوافق … وحس بصوت جى من بعيد ، كأنه صوت جوا حلم ، كأنه إشارة للى جى … حَلْمُه … لكن إيد خبطته ، فتح عينيه .. الدنيا فيها الصبح وفيها الليل … فيها النور وفيها العتمة ..فيها الملاك وفيها الشيطان ..  فيها هى وفيها القاضى مالكها
- عايز إيه ؟ ليه ماجتش بيت العدل ؟
- أنا مش طالب عدل ..
وعرض عليه التوب .. القاضى مسكه .. " آه عارفه .. كل يوم أشرب من نفس الكأس لحد ما أَتْملِى فاقفل بيت العدل وأهرب … " … قَلَّبُه  … " مين هيقدر يلبسه ؟!! .. مين هيرضى يلبسه ؟!!"
- عايز فيه كام ؟
رجعت له تانى الحيرة ، حس إنه استرد توبه
- أنا عايز فلوس علشان آكل ، وعايزها عشان البرد
- أنا قاضى وظيفتى إنى أحكم بين الناس ، أوزن وأقيس بميزان العدل … أنت جبت توب واحد .. يبقى من حقك حاجة واحدة …. فكر وأختار .
سابه القاضى واقف على بابه ودخل بعد ما حط قدامه .. كيس فلوس وصورة ليها .. لما فتح القاضى الباب الصبح علشان يروح بيت العدل ، لقاه لسه واقف صاحى بيفكر … مرماش عليه السلام وسابه ومشى ..
يوم ، اثنين ، ثلاثة …….. باب القاضى بيتفتح ويتقفل من غير سلام ولا كلام ، وهو واقف محتار …
"أنهى فيهم أهم ..؟!!…. الجوع ولا الدفى؟!!… " … محتار …. لكن مع مرور الأيام كان بيحس بجوعه بيزيد .. ببطنه بتنادى عليه … لحد ما جت اللحظة إللى  كان خايف منها … اللحظة إللى مايبقاش فيها حر فى الاختيار … لحظة فرض الاختيار .. لحظة غياب العقل قدام الجوع .. لحظة فيها حس إنه لازم يأكل دلوقتى حالا وألا … مد إيده ومسك كيس الفلوس … مافكرش ، ماترددش .. رغم الآلم إللى شعر به فى صدره .. ومشى فى طريقه ..- القاضى إللى كان مراقبه من ورا بابه ، ضحك .. ضحك قوى لإنه كان عارف الحل من أول ما رمى قدامه السؤال – أخد أكله وراح على بيته كل ، فقدر ينام …
الغريب والعجيب إللى حصل بقى .. إنه لما نام ، اتجسدت قدامه .. حَلْمُه .. جسم وروح .. لمسها .. قرا تفاصيلها .. فك شفرتها وحس بالدفى .



 
  ماهر طلبه – القاهرة - مصر (2010-10-15)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

حكاية مع أو ل إنسان-ماهر طلبه – القاهرة - مصر

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia