أضحى مفهوم الصورة في الإعلام الحديث يخطو نحو مصاف المواضيع الأكثر أهمية ، تنظيرا وممارسة ، حتى أن فعل الصورة أصبح يسري في كل شرايين الجسم الإعلامي المعاصر ، بل أصبح أحد محدداته ومرتكزا ته الأساس ، ومما لاشك فيه أن الصورة بعنفوانها الرمزي لها من التأثير على المتلقي مالم تسطع عليه وسائط أخرى في شتى الخطابات ، فأصبحت الصورة لوحدها خطابا يوجه السياسات ويوقد فتيل الشعوب بعد وهدتها ، ويشعل الحروب وينشأ الخلافات ويكبد الجراح ويضمئ العطشان إلى المشاهدة والإستمتاع ،ذلك أن فعل الصورة عموما وفي الإعلام على الوجه الأخص هو بمنزلة الرأس من الجسم والروح من الجسد وهي تسري في دواليب الإعلام المعاصر سريان السمن في اللبن ، فلا كلام عن إعلام عصري ومتقدم مهما كان طبيعته بدون منهج واضح في توظيف الصورة بشكل يجعله براقا لامعا غير مبتدل ولا يفضي إلى النتوء والتقويض الجماليين.
فتوظيف الصورة في الإعلام المعاصر أصبح بشكل ملحوظ الشغل الشاغل للتقنيين والإداريين والصحافيين ، فإن أخذنا مثلا توظيف الصورة في الحروب الأخيرة وما شهدته من أطوار متعددة تباينت في نقل وقائعها وسائل الإعلام باختلاف توجهاتها الإيديولوجية وخطوطها التحريرية ، وهو ما ينبئ بأن مسألة توظيف الصورة أضحى يكتسي أهمية بالغة في أجندات وسائل الإعلام ، كما أنه بالضرورة تعبير عن واقع تراه وسائل الإعلام وتقره وتسعى إلا أن يقره الآخرون معها ، وإلا فلماذا هناك تباين في نقل الحدث نفسه في المكان بعينه وبالمتدخلين فيه أنفسهم..
تعليقات:
