أنا لســــت كذلـــــــــــــــك...-محمد المساوي-سطات-المغرب.
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

أنا لســــت كذلـــــــــــــــك...

  محمد المساوي    

لاغربية
ولايمانية ...
هي حكمة ابتدعها أهل بلادي: " سلك أحسن لك "؟ وشاع نعاس غامض بينهم ، فتراهم نائمين وهم يسيرون ، يسرنمون  في دنيا بلا ضفاف  أثخنتها أنواع المنبهات  ولا يأبهون . تضيق غاياتهم وراء الحد قات ، فلا يحلمون بأكثر مما تحلم بقة  عالقة في خشب  سرير لنوم عانس بثول .كلما هزّ صرير العالم هدأتهم، أجفلوا وصمّوا  آذانهم  وهم يتوارون  خلف مأكمات نسائهم ، يلوّحون نحوي بسباباتهم المرعوبة  ويتصايحون في وجهي  بلثغاتهم الهجينة :
-    المسخ ...
-    الملعون...
-    الوغد ...! 
أنا لست كذلك ، هم واهمون بكل تأكيد ...لي رأس واحدة ، وليس لي ناب فيل. لي أير بعين واحدة وخصيتان .وأعجز حثما عن حكّ أنفي بطرف مرفقي، كما أعجز غالبا عن تحريك رأسي  في مستوى ميلان يفوق التسعين درجة . كلما هممت برؤية السماء فوقي اضطُررت إلى الاستلقاء على ظهري. فأنا أفشل ، بشكل مريع ، في تقليد ما يفعلون . يرونها وهم مطأطئون؟
أسير دائما بعكس اتجاه حركة دوران الكوكب  ، ولاأتزحزح من مكاني قيد أنملة . فأراهم يتقدمون نحوي ، يحملون سحناتهم المتغضّنة ، هم يلهجون بالضجيج . أعدادهم  تتضاعف في متواليات خرافية ، وقاماتهم المتضائلة  تنحشر قسرا بين جلابيب  النسوة .
-    لاتجتمع أمتك على ضلالة ...
-    لماذا لاتفعل مثلهم ؟
-    تكفيك حركة واحدة . رشاقتك المعهودة  تمكنك من ذلك ، ستدير ظهرك إليهم  وتلتفت بحركة أكروباتية خفيفة ، ولو برجل واحدة . خفّة وزنك ستساعدك لامحالة ، دع قامتك تنحشر بين الجمهور ، وارفع سبابتك - دون تردّد- في وجه أول أحمق تسول له نفسه أن يقف وجها لوجه قبالة الجموع الحاشدة ، ستصير واحدًا منهم ، وقد تحتاج إلى امرأة  بأوراك هائلة  تكفي لتواريك خلفها ، وأنت تندسّ بينهم صاغراً ، وربما تنحني قامتك قليلا وأنت تنوء تحت ثقل جسدك إذ تنبت لك فيه رأسان .
-    لا تفعل ؟ لم تدخدخ رأسك تبغي أن تسقطها من أعلى هواجسها ..؟
ها آمراتك تناديك :" أن افعل ..."
-    الحمقاء ! تريدني أن أصبح مثلهم ... ستكون سعيدة ونحن نقف بينهم ...لاتجرؤ...وتنتظر إشارة مني ، أنا أيضا سأحضى بملاذ آمن ... لو تتقدمني ...
أنت تعرفين ...
أنا لست كذلك ، وهم واهمون بكل تأكيد ...لم اعقر ناقة أي نبي صالح ، وليست لي ذنوب كافية كي أشعر بالندم .أريد أن أعيش حياة بسيطة لاتعكرها اعترافاتي  بخطايا اقترفتها سعيداً مثل سمكة صغيرة  تجدّف في لجّة محيط بهيم .وأعجز بالضرورة عن حبس بولي لساعات طوال كي أنتظر وصول من قد يكون أهم شأنا منّي .فأنا أشرب كثيرا  وأثرثر طول الوقت ، وأتنبا بأشياء مبهمة ومستحيلة تحدث دائما  بعد فوات الأوان. تغريني خفّة جسمي بالرقص أحيانا ، ولكن فوق حبل واحدة . لذا لا أحتاج رأسا ثانية . وتكفيني رأس وحيدة ويتيمة ، أحملها- بحذر مشوب - فوق كتفيّ النيئتين كما تحمل علبة خردوات نووية ...
-    لاتفعل ؟ رأسك صارت ملغومة  أكثر من أي وقت مضى .
-    هيت لك... أنا امرأتك ، وأقسم أن سأتعهد نسلك كما تفعل أم حقيقية ...فلا تخف ؟
-    ولماذا الخوف ؟هنا لا توجد قوانين صارمة تمنع دفن رأسي النووية في بطن أول امرأة  تصادفني ...سأنتظر لحظة نوم عدوي كي نتخالس الحب...
وأعود مندحرا إلى مواقعي كما المقاتلون المحنكون ... أنا أيضا سأبحث عن ملاذ آمن ...أنت تعرفين ...
أنا لست كذلك وهم واهمون بكل تأكيد ...
لست أنا المسخ ...
لست أنا الملعون ...
لست أنا الوغد ...
لا يد لي في كل الجرائم التي تقع في هذا العالم ، وأتوقّع عددا أكبر من أحكام إدانة ضدّي .فأنا لست متيقنا من صحة وقائع الحادثة : رجل برأس واحدة ينكّل بكتيبة من متعدّدي الرؤوس . كلما سقطت رأس ، نبتث لها أعضاء موزّعة  بشكل عشوائي وفي غير اتّساق ، لتنضم إلى بقيّة الجموع الحاشدة يتعالى زعيقها الصاخب :
-    الرأس التي لاتدور عقبة ...
-    ربما تنتقل العدوى إلى رؤوس أخرى ؟! 
-    قطع الرأس لايكفي ، ودفنها في هذه الأرض يثير الفتنة ...
-    كل واحد يدخل سوق رأسه !
-    فلنترك القرار إلى الرأس الكبيرة...



 
  محمد المساوي-سطات-المغرب. (2010-10-27)
Partager

تعليقات:
nabil aswab /maroc 2010-10-28
برفو محمد فصدة مؤثرة واصل لاتحرمنامن ابدعاتك
البريد الإلكتروني : nabilaswab@yahoo.fr

abdelaziz /Maroc 2010-10-28
Bravo Mohamed pour ce petit passage, qui m'a emporté loin des préoccupations de ce monde merdique .
البريد الإلكتروني : ighirine@hotmail.com

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

أنا لســــت كذلـــــــــــــــك...-محمد المساوي-سطات-المغرب.

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia