كانت هذه المرة الأولى التي أدخل فيها لقسم دراسي كمعلمة، ولم أتوقع ولم أفكر للحظة أن أخوض مثل هاته التجربة ، لأن طموحي كان غير ذلك، لا لأننني لا أحب هكذا مهنة ، ولكن لأني كنت أدرك أشد الإدراك ومنذ البداية مدى صعوبتها وثقل وجسامة مسؤوليتها.
دخلت مملكتي ، أقصد قسمي ، وأنا مسلحة بالإرادة والصبر ثم الصبر، كلمة لم أكن أفهم مغزاها قبل هذا الوقت، لكني الآن استوعبت معانيها بعمق. تعلمت أن أكون صبورة رغما عني ، علمني ذلك الصغير الذي يدعى التلميذ ، علمني وأنا أجهل حتى كيف سأتعامل معي . أأكون لطيفة أم فضة ؟ ودودة مبتسمة أو وقحة؟؟ أأتساهل أم أعاقب؟؟...
ألقي الدرس وأنا أصارع من الأحاسيس مالا أستطيع لها حصرا، حواسي يقظة، أفكاري متراصة ، أحبالي الصوتية مشدودة...عظمت أيها المربي وتمجدت، لم يتبادر إلى ذهني مدى تعبك الشديد ومعاناتك معنا ونحن صغار، نتعلم منك أصول الكتابة والقراءة وأسلوب التربية والآداب والنظام، لم أعط لنفسي الفرصة للدخول إلى مكنونات أعماقك حتى أفهمك وأحس بك كما أحس أنا اليوم . فليتني خضت هكذا تجربة منذ زمن وعشت محطاتها لحظة تلو الأخرى رغم غزارة خبرتي.
أحببت التجربة ، لا أنكر، واستمتعت بها بكل جوارحي ، لامست البراءة ، عايشت اللعب المتبادل بين المربي وتلاميذه ، وتحملت مسؤولياتي بكل ثقة..فشكرا لك أيتها الظروف لأنك أهديتني فرصة ثمينة حتى أعايش أحوال وظروف أسمى وأنبل مهنة في الوجود.
تعليقات:
