الـــــعالــم الــــجديـــــــد..-السعيد مرابطي (الجزائر)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

الـــــعالــم الــــجديـــــــد..

  السعيد مرابطي    


1- أحقاد


والساحة حاشدة كالزكام، طبع حركة يـده بقدسيـة الظاهـر. دسّها يستخرجه من جيب عند ضلعه الأيسـر؛ دون عنـاء سبابته وإبهامه أوصلاه للورقة البيضاء. سلاحه السّري والذّري ألهب في خطبته نشيد الميعاد:
- ألا أنيبوا إلى رشدكم يا أبناء آدم. ولّوا قلوبكم شطر شالوم!.. تعالوا نفتح سويا صفحة في بيـاض هذا الكتـاب. كلنا لغزة، وغزة دار للجميع !…
شيء ما ضغط على زناد… الطلقة سافرت منذ ألف عام. ارتجاجاتها الفزيائيـة تمتطـت تقـرع صواويـن حيفـا.
تهـاوى الحاخـام إلى الخلف من فوق المنصـة. الكتـاب الأبيض انـزاح منه إلى أسفـل. استنفـار.. هلع .. هدوء.
مـدّ إسماعيـل يـدا يلتقطـه. قرأ العنوان: التــلمود!


2- الـبـلـبـل..


بهـندامه الـمهلهل، وقف بـجراح غـائـرة في شارع الـرشيد... من قـلبه تــناهت إلى عـدسـتيه مـشاهد بالأسود والأبيض من شـريط الدنيا الوثـائقي.
استـدار يـعاين مـا حوله... غص الشارع المرصوف بالأشباح.
الأجساد لفافافات سجائر عتقت الديكور الجنائزي.. امتصـه الدخان إذ شعر بـأنه قطعة غيار في جرد الأكسيسوارات المبرمجة لفيلم صامت احتفاء بالشرق الأوسط الجديد.
أطــلق صـرخة تعـوي!.. لم يدو صوتـه سوى فـي عقـله..!
وقـتـئذ أدرك أن الحريق شب في الـرشـيد، وبـابل البلبل فـي الـقـفص. أما الأرض، فأمسكـت عـن الـدوران.


3- العالم الجديد..

الـمكان هـارفـارد.. الزمان أمريكي.
دس البروفسير يده في الجيب الداخلي لمعطفه الفضفاض.. فتش يمنة.. يسرة.. أخيرا أخرج ورقة خضراء. رفعها في وجه المدرج بحركة نصف دائرية أعادت طواحين الهواء للاشتغال.
- ما هذا الذي أمسك بيدي؟.. دوى سؤاله عبر الميكروفون.
جاءه الجواب في شكل سيمفونية بعدة حركات!
- مـ..ـآءة دولار!.. مــآءة دوولار! مـآءة دوووولا..ر!..
- من يريد هذه الورقة النقدية؟
- أنـ....ـا ..أنـ...ـا..أن...ــا!.. صـرخة بعثت
كـريستوف كولومبس لركوب السفينة ومعاودة اكتشاف الـعالم الـجديد.
أنزل يده مكـورا الورقة الـنقدية بين كفيه مرات. رمى بها على المسطبة. تقوس.. التقطها من جديد شاهرا بها في الوجوه.
- من منكم لا يزال يطالب بها؟
صوت كورال المدرج نشًـد "بـالأنا" عـلى كذا تآلف طبقة لحنية. كرر البروفسير تكوير ورقته. رمى بها عـلى المسطبة.. ركلهـا. داسها بحذائه الخشن.. تقـوس... التـقطها.
سواها تقريبا .شهر بها فـي وجه المدرج.
- هـل بينكم من لا يزال يـطالب بهـا؟!
كـورال الـمدرج نشدت "بـالأنا" على الطبقة الـحادة من مقام الـعجم. انـ اااااـا!...أنـ اااااااـا!.. أنـ ااااااااااااااـا!..
وقبل أن يستدير ويخط عنوان درس الاقتصاد على الـصبورة،
قال بـصوت كـأنما ينعي العالم الجديد:
- هـكذا أريدكم حـينما تتـخرجوا، أن تـبقوا على قيمتكم مهـما حـصل!



 
  السعيد مرابطي (الجزائر) (2008-07-20)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

الـــــعالــم الــــجديـــــــد..-السعيد مرابطي (الجزائر)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia