الفنانة المغربية خدوج السليماني تناضل باللون من أجل عالم تتعايش فيه الشعوب والأديان-المصطفى الصوفي- خريبكة -المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
متابعات

الفنانة المغربية خدوج السليماني تناضل باللون من أجل عالم تتعايش فيه الشعوب والأديان

تشكل لوحات الفنانة التشكيلية الحاجة خدوج السليماني، المعروضة حاليا ضمن المهرجان الإقليمي للفنون التشكيلية بخريبكة، عالما ساحرا، يفيض بكثير من الرموز والعلامات الشفافة، التي تجسد قيمة الفنون الإبداعية، لدى هذه الفنانة العصامية التي صنعت لتجربتها، عالما كله فيض أحلام، ومواضيع وطنية واجتماعية وإنسانية راقية.
وفي تلك الأعمال ضمن المعرض الذي افتتح الجمعة الماضية، ويستمر حتى ال 17 من الشهر الجاري، بدار الثقافة، قدمت الفنانة للجمهور، جانبا آخر من تجربتها الخصبة، ويتعلق الأمر بانفجار الحس الوطني لدى الفنانة، وذلك من خلال رسم لوحة كبيرة، هي عبارة عن ملحمة وطنية مفعمة بروح الوطنية، تجسدها ملامح آدمية نساء ورجالا وأطفالا، رفعوا راية الوطن والتحدي، دفاعا عن حرمة الوطن، والتغني بأمجاده، وتاريخه العريق، ودفاعا عن وحدته وقيمه وتراثه وهويته.
إن المناضلة الحاجة خدوج التي تؤطر عددا من ورشات الأطفال الفنية، رغم تقدمها في السن، إلا أنها ما تزال تصر على الرسم والإبداع، وفي ذلك كما تقول" إحساس بالشباب والمتعة، والانتشاء الفني الذي لا يعمله إلا الله"، ومن ثمة تتحول اللوحة التشكيلية عندها إلى نضال من نوع آخر، حيث الألوان رماح سلام، والآفاق ود حمام، وحيث الفنون التشكيلية في حضرتها تحليق في الأعالي بحرية ومن غير قيود، أكلما رسمت الحاجة خدوج سمت بأعمالها إلى ضفاف التمني، فيصير الرسم عندها إلى شعور بقيمة الحس الوطني، وبكل ما له علاقة بالمجتمع والإنسانية، وترسيخ مبادئ التسامح والتعايش بين مختلف الشعوب والأديان.
في هذا الإطار، أكدت الحاجة خدوج التي تستعد لإقامة معرض فردي بإحدى مدن ايطاليا قريبا، في تصريح خاص أنها لامست هذا الموضوع من خلال رسمها للوحة تمجد التسامح الديني، كإشارة قوية من كون بلادنا بلاد التسامح والسلام، وتعايش مختلف الديانات السماوية، وتكريس لقيم التواصل والحوار الحضاري والثقافي.
إن لوحة" سفينة الحلم" التي عرضتها ضمن المهرجان، وأثارت إعجاب مختلف الحاضرين في افتتاح المهرجان الفني، الذي تقيمه المندوبية الإقليمية لوزارة الثقافة، ما هي إلا سفر حالم باتجاه المستحيل، باتجاه عالم ساحر يفيض بحره بفيض من الأمواج اللونية، التي تعيد إلى تجربة السليماني بهاءها، وألقها الفني الذي تستوحيه من تاريخ عريق، مخضب بنضال قوي، من اجل نصره الوطن إبان الفترة الاستعمارية.
الحاجة السليماني خجولة، ومهذبة وسخية بحسها الفني الرقيق، محبة للعمل الجمعوي والخيري والرياضي، معروفة، بكونها من المناضلات القلاقل التي صنعت لها مجدا مضيئا، حيث أكدت أنها ترسم، وفي رسمها استحضار لتاريخ المناضلين والمناضلات في كل مكان في العالم  العربي، وهو ما جعل من أعمالها في كثير الأحيان، تنضح بسحر قضايا وطنية وقومية وعربية.
وتحتل القضية الفلسطينية في تجربة الحاجة خدوج، حيزا كبيرا، وذلك من خلال رسمها للحظات التاريخية الجنائزية التي عاشها الشهيد محمد الدرة في أنفاسه الأخيرة، وهو يحتمي بأبيه طالبا النجدة، لكن قناص الغدر، لم يمهله لحظة حتى ينهي البكاء، في هذا المقام أحست الحاجة السليماني بالبكاء لهذا المشهد الدرامي الذي هز العالم بأسره، وسارعت إلى رسم المشهد في ثلاث لوحات تكريما لهذا" الشهيد البطل، الذي يستحق أكثر من تكريم، سواء عبر الفنون التشكيلية أو المسرحية أو السينمائية" كما تقول.
الحاجة السليماني في هذا الإطار، كانت لها رغبة دفينة تتمخض في دواخلها، وما أن اكتملت لديها الفكرة حتى تولدت لديها رغبة خوض غمار المسار، حيث رسمت الموت في أبشع تجلياته، حين فاضت روح الشهيد محمد الدرة إلى الأبد.
وأكدت أن بوادر الرسم، بدأت عندها حين أحست أن لها لرغبة الملحاحة في إعادة رسم ملامح العديد من الأصدقاء، من المناضلين، الذين رحلوا إبان فترة المقاومة، وتاريخها في لوحات مثل لوحة" 21 غشت/اب" التي تعبر بكل صدق، عن روح الوطنية، تتجدد بكل ألوان الطيف، لدى المغاربة، لتتحول اللوحة عندها إلى ملحمة فنية له سحر إبداعي أخاذ.
ولفتت الفنانة إلى أنها نظمت العديد من المعارض الفردية والجماعية، كما أنها تستعد لإقامة معرض خاص بها في ايطاليا قريبا، وذلك من اجل خلق مزيد من الحوار الفني بين المغاربة والأوربيين، وإبراز العديد من المقومات الفنية المغربية، ذات الحس الوطني والعربي والإنساني، عبر تقديم أعمال ترسخ لهذا المعطى، بدء من الحس الوطني ومرورا بعدد من القضايا التي تهم العالم، ومنها القضية الفلسطينية، والسلام في العالم، فضلا عن إشاعة ثقافة الحوار والتسامح والتعايش بين مختلف الديانات والشعوب، وهو ما تجسده تجربتها المتميزة.
وكشفت الحاجة القناع عن كونها تعلمت أصول الرسم لوحدها، دون أن يساعدها احد في ذلك، أما من سيحمل المشعل من بعدها، فقالت إن الغريرة " عبلة" في عائلتها هي الوحيدة التي قد تقتفني أثرها الفني، لتكون فنانة المستقبل، ولتحمل ريشة الفن السليماني، بأسلوب آخر، وأعمال جديدة قد تضيف إلى الحركة النسائية المغربية لوحة جديدة بلون السحر والإبداع والتشهي والحلم.
ودعت بالمناسبة إلى دعم الحركة التشكيلية النسائية في الإقليم والمغرب عامة، لما للمرأة الفنانة من دور في المجتمع، ومن موهبة وطاقات خلاقة، وأسلوب يجب الاعتماد عليه، من أجل بلوغ تلك الخصوبة الفنية المتنوعة التي تمزج بين الفن الذكوري والأنثوي، بهدف منح للوحة التشكيلية خليطا من الحسن والبهاء، فضلا عن ثراء في المواضيع والقضايا التي تلامسها المرأة والرجل في أعمالهما.
وأكدت الحاجة السليماني المشهود لها بعملها الخيري ودعمها لكل المبادرات الرياضية والاجتماعية، بالمناسبة أن الرسم لديها نضال من نوع آخر، كما هو النضال بالشعر لدى الراحل محمود درويش مثلا، لأن الفن التشكيلي عندها" رسالة نبيلة تحمل في طياتها الكثير من الرموز والدلالات للعالم، من أجل نبذ العنف وترسيخ قيم التسامح والسلام في العالم". واعتبرت لوحتها" حمائم السلام" تعبير عن هذا المنحنى، وتوجه رسالة شفافة وواضحة إلى العالم، مفادها، أن الفنون التشكيلية والإبداع بشكل عام، قادر على المساهمة في تحقيق أمن كوني، وسلام عالمي، تنعم به الإنسانية عبر كل الأزمنة.
وحول طقوسها في الرسم قالت" الرسم بالنسبة لدي نضال من نوع خاص، أرسم بالنهار، حين يساعدني الضوء على وضع الألوان المناسبة، إني أرسم كل شيء،  حين أحس إن لدي الرغبة في التعبير عن مكنونات القلب، حتى تكون اللوحة عالم مثالي في عيون المتلقي، بالرسم تتجدد خلاياي الفنية، وأحس بالانتشاء والانتعاش... أني ارسم من أجل الحياة".
من ميزات الفنانة التشكيلية الحاجة خدوج أنها لا تحب أن تتقيد بأسلوب واحد، لأن ذلك يسقط الفنان في التكرار ويكون أسير شكل واحد قد لا يحقق رهانات الفنان في علاقته بالمتلقي والعالم... هي مشاءة بين الفنون، واللوحة عندها كائن حي يتطور باستمرار، ولوحاتها تشبه الفراشات والحمام في أحلامه ورفرفته واحتياجه للماء والضوء والشمس، التشكيل من وجهة نظرها عبير ربيعي، ألوان فواحة، وملامح واقعية، واللوحة هي المطية الطائعة التي تركبها وتجري في اتجاه المستحيل، هكذا هي حالمة، شاعرة، عاشقة للون الطبيعي، ولملامح الذاكرة التاريخية، والمجتمعية، والواقعية، فمجدت الوطن والطبيعة والحياة، وقضايا كونية.
في رسمها تعبر عن الأحاسيس والمشاعر التي تجسدها في كل لوحة، وترسم ملامح إبداعية لأسلوب واقعي تشخيصي حقيقي هناك، وفي أحيان أخري، يبدو التشخيص الرمزي أكثر حرية وشاعرية، حيث همس الرومانسية يناغي الطبيعة، وحيث فلسفة الألوان تركب أفق الجمال والشاعرية الفاتنة، ولتكون الفنانة واحدة من المبدعات المتألقات، عرفت كيف تخيط من قشيب اللوحة قفطانا لفن رفيع، فن تشكيلي مغربي هو مزيج من التراث والثقافة والعادات المجتمعية والتاريخ والرؤية الفلسفية الحالمة التي تقول الجمال والبهاء الجميل.
إن الفن عندها رسالة نبيلة، يعالج قضايا إنسانية وكونية وهي في لوحاتها تستحضر هذه الأطياف، اللوحة عندها تمجد الوطن الطبيعة والحياة، والفن التشكيلي من وجهة نظرها كالشعر والموسيقي والمسرح عليه أن يعالج قضايا إنسانية.
إن تجربة الفنانة السليماني، صهيل ورد وخيول، وهديل حمام، وسفر حول كل العالم، وباقة من الألوان والمواضيع، تغازل التجريد هنا، وترسم ملامح إبداعية لأسلوب واقعي تشخيصي حقيقي هناك، وفي أحيان أخري، يبدو التشخيص الرمزي أكثر حرية وشاعرية، حيث همس الرومانسية يناغي الطبيعة، وحيث فلسفة الألوان تركب أفق الجمال والشاعرية الفاتنة، ولتكون الفنانة واحدة من المبدعات المغربيات العربيات المتألقات، عرفت كيف تخيط من قشيب اللوحة قفطانا لفن رفيع، فن تشكيلي مغربي هو مزيج من التراث والثقافة والعادات المجتمعية و التاريخ والرؤية الفلسفية الحالمة التي تجعل من الحرية في الرسم المهماز الرئيسي للتشكيل، وليتحول الإبداع الفني عندها نوعاً من المتعة الخالصة التي لا تفضي إلا إلي الإحساس بروعة الفنون بألوان الورد والفوسفات والبحر، وريش الديكة.
هكذا هي الفنانة السليماني، تناضل بريشتها نضالا رقيقا، بحثا عن ذلك المعادل الموضوعي والخيط الرفيع الذي يشد الجمال الفني بالمتلقي، لتبقي تجربتها واحدة من التجارب الحية التي تعبر بأسلوب واحد عن مواضيع مختلفة، تحتفل في العمق بالإنسان والوطن، والطبيعة والحيوان، والعالم، بأسلوب تلقائي لا يخول من سحر فني رفيع.



 
  المصطفى الصوفي- خريبكة -المغرب (2010-12-15)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

الفنانة المغربية خدوج السليماني تناضل باللون من أجل عالم تتعايش فيه الشعوب والأديان-المصطفى الصوفي- خريبكة -المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia