خرجت – كعادتها كل صباح – متوجهة إلى العمل، كانت تحمل في يدها اليمنى مظلتها الصغيرة – تحسبا لهطول المطر – وعلى كتفها اليسرى علقت حقيبتها اليدوية. كان جو الصباح الباكر باردا، ما أن فتحت الباب حتى لفح وجهها نسيم بارد، سارت في الزقاق الطويل المتعرج الذي يفصل منزل أهلها عن الشارع الرئيسي حيث تستقل حافلة نقل العمال إلى مقر عملها.
بعدما توسطت الزقاق، وجدت ثلاثة شبان، وكأنهم كانوا في انتظارها، حينما مرت أمامهم قام أوسطهم وتوجه إليها، خافت وارتعشت فرائصها، لكنها لم تهرب ولم تصرخ ! وأمرها أن تسلمه حقيبتها والمظلة... رمت بهما إلى الأرض، أخذ الحقيبة وفتشها فوجد فيها مقصا صغيرا برتقالي المقبضين وكيسا بلاستيكيا أسود به نصف خبزة مدهون بالزبدة والجبن، تأملها من رأسها حتى قدميها ثم سألها:
- أنت تعملين خياطة، صح؟
- نعم، نعم ! ردت مرتعشة.
رد إليها حقيبتها ومظلتها قائلا:
- المسامحة يا أخت !
واصلت طريقها غير مصدقة، مرتعشة وخائفة... وزاد من خوفها المعركة التي نشبت للتو بين الشبان الثلاثة، أسرعت الخطى مختفية عن أنظارهم ثم عرجت عائدة إلى منزلها عبر زقاق آخر. دخلت المنزل، وعادت لتتسجى فوق فراشها يملأها خوف فظيع... نامت بعد أن طلعت الشمس ... ثم لما نهضت وجدت الحي كله يتحدث عن جريمة قتل وقعت بكرة في الزقاق، على إثر معركة رهيبة قامت بين ثلاثة شبان ! سقط على إثرها أحدهم بضربة سكين على مستوى الصدر من آخر، وقال الناس: إن سبب المعركة كان فتاة ساقطة تنافس عليها الشبان الثلاثة، كل واحد منهم كان يريد الاستئثار بها لنفسه، وأضافوا أن الشرطة تبحث عن هذه الفتاة الهاربة للتحقيق معها !!
تعليقات:
