مغاربة أثينا-حسن لختام - مراكش - المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

مغاربة أثينا

  حسن لختام    

 الرابعة زوالا من صيف سنة 2005، وصلت مطار اثينا قادما من باريس.كنت في شوق ولهفة للقاء اخي الدي يغترب هناك مند خمسة اعوام.كيف ساجده بعد كل هده السنين؟..كيف ستكون احواله؟..هل غيرت الغربة من طباعه؟..كيف وكيف..اسئلة عديدة  كانت ترن في دهني لحظة نزولي   بالمطار.وكان اللقاء الدي طالما انتظرته..وكان عناق حار وعواطف جياشة.كانت اللحظة مؤثرة بالنسبة لي وله.اختلطت الفرحة بالالم والبسمة بالدموع.لم يصدق احد منا نفسه. هل نحن في حلم ام حقيقة.ضمني الى صدره بقوة كانه اراد ان يفرغ من جسده وعقله معاناة واحزان الغربة القاسية، ومرارة فراق الاهل والوطن.ها قد كتب لنا اللقاء اخيرا بعد اكثر من  1800 يوم من الفراق والاهات والاحزان.غمرت الفرحة قلبه وكل حواسه ،وملات الابتسامة وجهه، وكم فرحت لاحساسه.ركبنا الاتوبيس باتجاه مقر سكناه.كان ينظر الي بامعان  كانه كان يرى من خلالي صورة الاب والام والاخ العزيز.. كانه كان  يشم من خلالي  رائحة البلاد.توقفنا امام احدى العمارات.اخرج من جيبه مفاتيح، ثم اردف قائلا: - اسكن هنا بشقة صغيرة، لكنها جميلة..سترى بنفسك .الشقة فعلا جميلة ومجهزة عن اخرها بكل المستلزمات  الضرورية .فرحت لحاله.خاطبني و الابتسامة تملاء محياه:- اكنت تظن اني بلا ماوى او اسكن خربة..نحن المغاربة هنا باثينا كلنا نتوفر على سكن لائق وعمل قار، بالرغم اننا بدون هوية وبدون اقامة قانونية.هدا يؤلمنا، وكم نتمنى من القنصلية المغربية ان تتحرك من اجل تسوية اوضاعنا القانونية ،كما فعلت قنصليات جاليات دول اخرى.في اليوم الموالي, قمت بزيارة اثينا المدينة العملاقة.ادهشتني ماثرها الجدابة  التي يعود تاريخها الى ماقبل الميلاد، وهي لاتزال شامخة تشهد على عظمة الاغريق القدامى .قضيت نهاري كله وانا انتقل بين الماثر الساحرة  والشوارع الرائعة.كنت اشم وانا اتجول بين ازقة المدينة العتيقة وبين مقاهيها وحاناتها الساحرة عبق التاريخ الاغريقي العظيم. مساءا، دهبت رفقة اخي الى حي امونيا.. حي تلتقي فيه البعض من الجاليات المغربية. فكان مرة اخرى عناق حار واحساس جميل بلقائي مع المغاربة هناك.شربنا نخبنا ودار حديث طويل  بيننا حول الغربة  ومشاكلها و حول المغامرات  المثيرة  التي عاشوها قبل ان تطاء اقدامهم اثينا، وحول اخبار الوطن الدي يحملونه في قلوبهم ووجدانهم , وحول مستقبلهم في اثينا والدي كان  لا يزال مجهولا في غياب الاقامة القانونية لهم. تمر الايام, وتعلقي يزداد يوما بيوم بالمغاربة هناك وبشهامتهم ورجولتهم، كما ازداد تعلقي وعشقي لاثينا وازقتها ومطاعمها وحاناتها وسكانها.فسكان اثينا يعشقون الحياة والمرح.. انهم شعب جميل وانيق وعريق.في احدى الايام, اخبرني اخي بنباء سار اثلج صدري و صدور كل المغاربة باليونان..القنصلية المغربية بتعاون مع الحكومة اليونانية ستقوم بتسوية الوضعية القانونية لكل المغاربة المقيمين باليونان.شربنا نخبنا فرحا بالخبر الجميل. تنهد اخي قليلا ثم اردف قائلا:- بعد سنوات العداب والمحن والمغامرات والغربة القاسية ستسوى اخيرا وضعيتنا القانونية. سنملك اخيرا هوية، وسنجهر امام الملاء في هده البلاد الجميلة باننا مغاربة. لم افهم قصده فاضاف قائلا بنبرة يملاها الحزن  والاسى:- كل المغاربة هنا باثينا يحملون هويات واسماء غير حقيقية..اننا لا نتوفر على الاقامة القانونية وهدا يفرض علينا ان نغير هويتنا واسمائنا حفاظا على سمعة وطننا. فنحن في نظر البوليس اليوناني اما لاجئين فلسطينيين او موريتانيين او اكراد .لهدا هم يدعوننا وشاننا.لكن, عندما تسوى وضعيتنا القانونية ,فحثما سنجهر بمغربيتنا.فتح قنينة اوزو, تناول كاسا، اشعل سيجارة نظر الي ثم تنهد قائلا:- لن تصدق ياخي، كيف وصلنا الى اثينا. لقد عشنا مغامرات واحداث اغرب من الخيال...منا من عاش في تركيا شهورا, ثم تسلل الى البانيا ثم كوسوفو ثم العودة الى تركيا، فمسيرة عشرة ايام مشيا على الاقدام حتى الوصول الى الحدود اليونانية.لقد قاسينا كثيرا من  الجوع والخوف و من قطاع الطرق الدين لاتاخدهم رافة ورحمة  بكل   من مر من  سبيلهم .كان يحكي لي ساعات طويلة  عن تلك المغامرات التي لاقوها في طريقهم الصعبة الى ان يداهمني النوم.من  جملة الحكايات التي حكاها لي والتي اثرت في, قصة مغربي قضى شهورا في تركيا التقى في دربه باوزباكستانية ,عشقا بعضهما ,تزوجا وحين اتيحت لهما الفرصة دخلا الى اليونان بعد رحلة من تركيا دامت اكثر من اسبوع مشيا على الاقدام.العجيب في الامر ان الزوجة كانت حامل والزوج مصاب بعاهة مستديمة  .التقيت هدا الاخير باثينا واكد لي ما حكى لي اخي.مااثار انتباهي في المغاربة المتواجدين باثينا هو ان روح الدعابة لاتفارقهم , بالرغم  مما عاشوه من محن واحداث مؤلمة.انهم رجال شجعان.فكم من الصعب على المرء ان يقاوم مرارة الغربة وقساوة الزمن.لقد اكد لي معظمهم انهم عاشوا حكايات واحداث اغرب من حكايات وقصص الف ليلة وليلة.لقد كان طريقهم طويلا وشاقا قبل ان تطاء اقدامهم ارض الاغريق.من يدهب الى اثينا لاتفوته زيارة حي موناستيراكي بدروبه الجدابة وكنائسه الشامخة, وحثما لن تفوته زيارة المعلمة الخالدة الاكروبول وما يضمه من اثار ومسارح عجيبة ومتاحف  مدهلة.تواجدي بالاكروبول جعلني اسافر في الزمان والمكان بعيدا قبل الميلاد.عشت في خيالي لحظات مع سقراط وارسطوو افلاطون وسفوكليس و هوميروس, و غصت  عميقا في بحور اشعار اوفيد, ورقصت روحي مع تراتيل واناشيد سافو العظيمة. .دخلت تاريخ الاغريق, وتهت في احشائه.عدت في ساعة متاخرة من الليل, فوجدت اخي رفقة بعض اصدقائه المغاربة في انتظاري .كانت فرحة عارمة تغمرهم وهم يشربون نخبهم, ويرقصون على نغمات موسيقى مغربية.ايام السبت والاحد في اثينا يحق لكل شخص ان يعيش بكل حرية , طبعا في اطار احترام القانون والاخرين. .هتف اخي قائلا:- قريبا ستسوى وضعيتنا .لقد طلب منا المسؤولون بالقنصلية المغربية وضع ملفاتنا  عاجلا بالقنصلية المغربية للحصول على جواز السفر, ثم بعد دلك  سنحصل على  الاقامة القانونية باليونان.عانقي بقوة, ثم اضاف والبهجة تملاء وجهه ووجه الحاضرين:- .سنحصل اخيرا  على هويتنا, و  سنعيش بين هدا الشعب الجميل باسمائنا الحقيقية.شربت معهم نخبهم ..شاركتهم فرحتهم.. تعالت الضحكات, وهتف الجميع:- نحن الان مغاربة احرارا بين شعب الاغريق العظيم. هنا في اثينا.. المدينة الاسطورة.. مدينة التاريخ.



 
  حسن لختام - مراكش - المغرب (2011-01-20)
Partager

تعليقات:
بوشما حميد /المغرب 2011-01-26
أفلحت في تقديم صورة مزدوجة، شعورك وأنت أمام التاريخ اليوناني وشعور المهاجرين حيال وطنهم،الحنين الغربة التشردم وفقك الله. تحياتي الخالصة مجرد مرور
البريد الإلكتروني : hamidiano@gmail.com

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

مغاربة أثينا-حسن لختام - مراكش - المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia