رَذَاذٌ جَرِيحٌ حِينَ أَشْهَقُ عُصْفُورَةَ الظِّلِّ-مُحَمَّد حِلْمِي الرِّيشَة (فلسطين)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
شعر

رَذَاذٌ جَرِيحٌ حِينَ أَشْهَقُ عُصْفُورَةَ الظِّلِّ

  مُحَمَّد حِلْمِي الرِّيشَ    

01
الْعُمْرُ وَرْدَةٌ وَحْشِيَّةٌ
لَمْ أَزَلْ أُفَتِّتُ أَوْرَاقَهَا
بَحْثًا عَنْ رَائِحَتِي.

02
الْجَسَدُ جُرْحٌ عُضَالٌ
أَرْمِي فِيهِ بِهَارًا لِدَمِي
فَيُوقِظُ مَاءَ الْغَيْبُوبَةِ.

03
كَمْ كُنْتُ صَالِحًا لِلنَّجَاةِ
لَوْ أَنَّ عُرْيَ الْأَمَلِ
لَمْ يُقَشْعِرْ فَجْأَةَ الشِّعْرِ.

04
لِي قَلْبُ فَرَاشَةٍ
تَنْتَهِكُ لُعَابَ الضَّوْءِ
بِلِسَانِ جَرَاءَتِهِ لِلجُنُونِ.

05
أَدَعُ الرُّوحَ فِي غَيْبِهَا
وَأُطْلِقُ غَيِّي
لِجَسَارَةِ شِفَاهِ الْحُلُمِ.

06
سَاقَانِ مِنْ غَسَقٍ لِلْقَصِيدَةِ
زَائِغَتَانِ لِأَعْلَى
كَيْ تُهْبِطَ نُجُومَ إِيقَاعِي.

07
بِطَلَاقَةِ خَصْرِهَا
أَمُدُّ عُشْبَ النَّشِيدِ
لِأَبْتَكِرَ، كُلَّ مَرَّةٍ، رَقْصَتِي.

08
مَا مِنْ حِضْنٍ لِي
أَبْهَى وَلَا أَشْهَى
مِنْ بَيْتِ شِعْرٍ شَقِيٍّ.

09
مَا مِنْ نَهْدٍ كَرِيمٍ
يَرْتَعُنِي/ يَرْضَعُ سُحُبَ نَثْرِي
مِنْ مُعَلَّقَةٍ فَتَّانَةٍ تَتَدَلَّى.

10
دُخَانٌ سَافِلٌ
وَقَهْوَةٌ عَاهِرَةٌ
يَتَعَاكَسَانِ مُرُورًا فِي قَصَبَةِ الصُّبْحِ.

11
بِكُلِّ أَسَفٍ مَرِيضٍ
أُسَامِحُ أَسَفَ الْغِيَابِ
فِي نُضْجِ قُبْلَةِ خُبْثِهَا.

12
غُبَارُ كَرْمَتِهَا المَرِحُ
يَطْرِفُ عَيْنَ قِنْدِيلِ نَوْمِي
وَيُمَلِّحُ بِئْرَ نُعَاسِي.

13
يَا ابْنَةَ النَّحْلَةِ
يَا ابْنَةَ الْعَنْكَبُوتِ
يَا ابْنَتِي النَّشِيدَةْ.

14
لَا أَبْرَحُ شَجَرَةَ المَخْيَلَةِ؛
لَذَّةٌ تَرْتَدُّ إِلَى عُشِّ الشَّمْسِ
حِيْنَ أَشْهَقُ عُصْفُورَةَ الظِّلِّ.

15
إِلَى أَيْنَ تَأْخُذِينَنِي بَعْدُ؟
أَعْطِينِي كَفَافَ حِبْرِي
يَا إِلهَةَ الْبَيَاضِ.

16
كَشَاعِرِ نَرْدٍ؛
مَا زِلْتُ أَبْحَثُ عَنِ الْوَجْهِ السَّابِعِ
فِي حَجَرِ الْقَصِيدَةِ/ فِي رَمْيَةِ "مَالَارْمِيهْ".

17
يَا أَبِي.. يَا أَبِيُّ.. يَا أَبَا حَيَّانَ
لَوْ كُنْتَ شَاعِرًا
لَكَانَتِ النَّارُ أَشْهَى الْأَطْعِمَةِ.

18
فِي الْأَرْبَعِينَ:
"وَرْدَةٌ وَاحِدَةٌ فِي إِنَاءَيْنْ
أَنَا.. أَيْنْ؟"

19
بَعْدَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ:
"أَمُدُّ جَنَاحَيَّ.. أُحَرِّكُ هَوَائِيَ..
لَمْ تَعُدِ الْأَرْضُ تُشْبِهُنِي".

20
رَحِيقٌ .. حَرِيقٌ؛
لَنْ تَتْلَفَ أَرْدَافُ الْوَرْدَةِ
لَوْ أَنَّ الْحُرُوفَ لَا تُغَيِّرُ مَقَاعِدَهَا أَبَدًا.

21
شَهِدْتُ الْبِدَايَةَ حُبًّا
أَشْهَدُ النِّهَايَةَ كَرْهًا
حِينَ لَمْ أَجِدْ مَنْ يَشْهَدُ لِي.

22
أَعْرِفُنِي مَاضٍ إِلَى عُنُقِ الزُّجَاجَةِ
دُونَ أَمَلٍ بِافْتِضَاحِ رَحْمِهَا
أَيَّتُهَا الْحُرِّيَّةُ المُؤَدَّبَةُ.

23
يَنْدَهُ الْقَبْرُ عَلَيَّ
مُنْذُ تَبَرْعُمِي
لِيَقْطِفَنِي وَلَوْ ثَمَرَةً نَيِّئَةً.

24
مِرَارًا قَبْلَ تَنَفُّسِ رَغْبَةِ الصُّبْحِ
تَأْتِينِي بِسَهْلِ فَرَاغِهَا
إِذْ يَكُونُ حَارِثُهُ خَارِجَ جَاذِبِيَّتِهَا.

25
فَاضَ، مَرَّةً، عَنْ حَاجَتِهِ إِلَيَّ
فَأَغْرَقَتْنِي بُقْعَةٌ بِلَوْنٍ حَامِضٍ
تَكَوَّرَتْ مَا بَيْنَ عَيْنٍ وَأَنْفٍ.

26
أُزْجِي لَهَا حَتَّى كُلَّ شَيْءٍ عَصِيٍّ
كَيْ تُشِعَّ لَأْلَاءَةً
تَحْتَ دِثَارِي.

27
بِمِزَاجِ السَّرِيرِ وَخَفِيضِ الاسْتِرْخَاءِ
خَطَّأَتْنِي الْـ(هِيَ)
وَلَمْ يُؤْثَمْ مَجَازِي.

28
قُلْ: إِنَّهُ لَعْنَةُ المَكِيدَةِ
مِنْ دَاءِ ارْتِقَاءِ الْجَمَالِ
لِأَنَّنِي آخَرِي.

29
كَكَمْشَةِ ظِبَاءٍ عَلَى ضِفَّةِ نَحْرٍ
يَصْطَفُّ عُلُوِّي شَقْوَةً
بِعَاجِ كَعْبَيْهِ.

30
خَارِجَ السِّرْبِ أَمْ دَاخِلَهُ
تَصْطَفِينِي إِلَيْهَا مُنْذُ الْبَدْءِ
طَائِرَ اخْتِلَافٍ.

31
"أَيُّهَا النَّاسِكُ الشِّعْرِيُّ"
نَادَتْنِي غَدًا
مِنْ شُرْفَةِ الْأَمْسِ.

32
بَصَمَاتُ الْحَوَاسِّ عَلَى أَضْلَاعِ المَدَى
شَهَوَاتٌ مُؤَجَّلَةٌ فِي شُرُودِ الْحَنِينِ..
وَحِيدًا أُرَتِّقُ فِخَاخَ الْأَمَلِ.

33
أَتَأَمُّلُ أَيَّ شَيْءٍ شَهِيٍّ
غَاضًّا الطَّرْفَ عَنْ مَهَابَةِ الشُّبُهَاتِ
لِأَصْنَعَ رَوْنَقَهَا الْبَلِيغَ.

34
وِسَادَةٌ بِسُمْكِ بَطْنِ فَرَاشَةٍ
أَرَقُّ مِنْ وِسَادَةٍ مَنْفُوخَةٍ وَهْمًا..
هكَذَا عَلَّمَنِي الْجَاهِلِيُّونَ الْجُدُدُ، أَيْضًا.

35
تَعَالَيْ بِارْتِعَاشَاتِكِ النَّافِرَةِ
يَا زَنَابِقَ الرَّمْلِ
فَأَسْكُبُنِي إِلَيْكِ سُلَّمَ خَدَرٍ بَلِيلٍ.

36
"مَنْ مِنْكُمْ بِلَا خَطِيئَةٍ"
فَلْيَرْمِ مَهْدَ الْخِيَانَةِ بِحَجَرٍ كَرِيمٍ
لِيَشُجَّ رَأْسِي.

37
رُبَّمَا وَصَلْنَا حَافَّةَ التَّلَاشِي
حِينَ بَلَغْتِ بِي أَيَّتُهَا الْهَاوِيَةُ
قِمَّةَ عَرْشِ الْخَطَايَا.

38
كَأَنَّنَا فِي انْفِلَاقِ الطَّرِيقِ الرَّهِيفِ
إِلَى مُنْعَطَفِ الذِّكْرَى
أَيُّهَا الْأَلَمُ النَّبِيلُ.

39
: اِذْهَبْ بِعُنْفُوَانِ طَيْفِكَ المُشْتَهَى
بَعِيدًا عَنْ سُقُوطِي كَثَمَرَةٍ ضَعِيفَةٍ
فِي سَلَّةِ الْفِتْنَةِ.

40
كُنْ هُنَاكَ وَكُنْ هُنَا؛
دَائِرَيَّ الانْتِظَارِ
كَخَاتَمٍ مَقْطُوعٍ فِي إِصْبَعٍ مَهْجُورٍ .

41
مُعْجَزٌ بِكِ لُغَتِي؛
تُنْشِدِينَنِي مَتْنَ أُرْجُوحَةِ الْكَلَامِ
بِهَامِشِ حَبْلِي الْوَاحِدِ.

42
لَا أُوَدِّعُكِ..
فَقَطْ تَغَيَّرَتْ صَهَبُاءُ الصَّوْتِ
إِذْ تَعَكَّرَ صَدَى نَبِيذِي فِي كَأْسِكِ المُخْتَلَطِ.

43
تَحَلَّقْتُ حَوْلَكِ
تَشَعْشَعْتُ فِيكِ
تَتَوَّجْتُ أَنْفَاسَكِ بِإِهْرَاقِ دُونِي.

44
إِلَى أَيْنَ بَعْدُ؟
كَأَنَّنَا وَصَلْنَا إِلَى حَيْثُ لَا نَلْتَقِي
وَكَأَنَّ سُؤَالَ السُّؤَالِ جَوَابٌ.

45
رَذَاذٌ جَرِيحٌ مِنْ شَاهِقِهِ يَثْغُو
دُمُوعٌ جَافَّةٌ فِي اخْتِلَالِ نَجْمَةِ اللَّيْلِ
وَمَصْقُولًا دَمِي يَنْحَرُ َضُلُوعَهُ بِإِتْقَانٍ.

46
تَعَوَّدْتِ نَارَكِ تَقْتَاتُ حُلُمِي
مَحْوَ مَاءِ كَلَامِي الْخَفِيضِ
وَقَدْ كُنْتُنِي فِيكِ مُنْذُ أَوَّلِ السُّطْرِ.

47
أَخْطِفُ مِنْكِ مِنِّي
كَيْ لَا يُصَابَ الْقَلْبُ
بِأَيَّةِ لَذَّةٍ لِلسُّوءِ.

48
لَمْ تَزَلْ فِي فَمِي غَيْمَةٌ
وَعَلَى رُؤُوسِ أَصَابِعِي مَطَرُهَا
وَتَحْتَ قَلْبِي كُرَّاسَةٌ عَذْرَاءُ تَحُكُّهُ خِصْبًا.

49
سَأَخْرِجُ الْآنَ مِنْ آخَرِي
إِلَى حَيْثُ صَحْوَةِ الْقَلَقِ
وَأَدَعُ لَكِ غِيَابِي.

50
..... ..... .....
..... .....
.....



  muhammad.h.rishah@gmail.com
  مُحَمَّد حِلْمِي الرِّيشَة (فلسطين) (2008-08-25)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

رَذَاذٌ جَرِيحٌ حِينَ أَشْهَقُ عُصْفُورَةَ الظِّلِّ-مُحَمَّد حِلْمِي الرِّيشَة (فلسطين)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia