نزوة-نادية الأزمي - المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

نزوة

الليل قد انتصف بمرور بضع دقائق..و سمر  تعانق النوم الذي أبى إلا أن يجافيها ..مثل باقي الليالي التي قاست هجرانه ..طار من عينيها و اتعب ذاكرتها المشحونة بآهات لا تنتهي.
ذاكرتها الثكلى لم تعد تسعفها فبدى الواقع يعج بما فيه ...قلق ،حسرة وعدم ثقة.

بنظرة باهتة رمقت المرآة قبالتها..تراءى لها شبح عنها .. كل ملامحها إلى اندثار أو هذا ما خُيّل لها...تحسست ما بقي من ملامح وجهها وثارت الأنوثة بداخلها لتُحيي بعضا مما قد كان..سكتت تكتكات الساعة التي سكنت داخلها .. ربما يأتي،،

الإنتظار مضن ..والتخيلات لا تتوقف.. تراءت أمامها مشاهد له .. هو يساهر أخرى ..ويغزل لها نفس الكلام ..ويصور لها نفس الأماني..بل قد يحاكيها عن شبح ينتظره..ومأساة تساكنه..ومعاناة يعايشها...
توهماتها تلك،، تزيد من حركات أصابعها التي تتشابك حتى تحس أنها ستقتلع من جذورها.. بين اللحظة والأخرى تحاول التغلب على ما يعتريها..لكن دون جدوى !!
من يعرفها يظن بانها أسعد النساء تملك كل مقومات أن تكون قبلة للجمال .. لكنها كانت ترمي  بكل هذا أمام ما يعتريها من شكوك..
عاقلة لحدود الجنون..مترابطة لحدود الارتباك..وقوية لحدود الإنهيار. أضداد نسجت شخصية صيَّرت هذه الإنسانة الشاحبة التي أضناها التفكير وشغلتها الصور التي تكورها؛ عما هو واقعي ..حقيقي ..وغير ملموس.

سمعت باب البيت يفتح...ترامت على السرير وافتعلت النوم ..أحست بخطواته تقترب منها..أطل عليها وطبع على جبينها قبلة امتصت كل الغضب الذي ساكنها..وكل التهيؤات التي عايشتها..
و أردف بجملة أصابت مسامعها بالحنين الذي كاد يتجاوزها..وبالجمال الذي طاش عن لحظاتها..وبالفرح الذي أيقظها من غفوتها...

كَانَ الصباح مبتسماً ،شمسه ترسم البهجة وهواءه عليل. يساعد على المشي كنوع من التغيير لروتين اليوم القاتل، و هروباً من مضض البيت وجدرانه التي تحمل نفس الآه ،و تسجل ذات المشاهد المصاحبة لأي التفاتة منها بكل زاوية من زواياه.

ترجلت سمر إلى محل بيع الملابس الذي ترتاده عادةً لتنتقي اخر ما تواجد بالسوق من جديد مدهش ،و غالبا ما يصاحبها سَعْد لأن اختياره جميل و ذوقه مساعد ،،
وَلَجَتْ المكان رمت السلام على صاحبته و تبادلت معها أطراف الحديث ، لتطلب منها إمدادها بالجديد للإطلاع ثم الاختيار ..

"تفضلي هذه هي الأنواع التي نزلت أخيرا"..
لتردف،
" بالمناسبة كيف وجدت القطعة التي أخذها لك سعد آخر مرة.. أنا من ساعده في الإنتقاء أتمنى أن يكون ذوقي راقك"
" أية قطعة ،و متى كان ذلك ،،،" ردت سمر بآستغراب يشوبه الشك ،لتقفز إليها شكوكها التي هربت منها ،تاركة إياها بين جدران منزلها.
"مثل هذه تماما ، مقاسك، وقد كان سعد جداً مهتم لأن تكون أجمل مافي المحل،وعليه كان الاختيار"
ردت سمر وقد آبتلعت مشاهد الاستغراب و التآكل التي أصابتها و تمالكت ذاتها ، و قررت استبدال الشك باليقين.
فردت
" آه صح، الحق معك وقد أعجبتني كثيرا،، ذكَّرْتني، أريد قطعة مثلها لأختي و بنفس اللون، "
سمر المطعونة في أنوثتها ..والتي يعصف بها الشك ويضرب أقاصي أعماقها بردود أفعال زوجها... أخذت القطعة ورحلت مُودعة صاحبة المحل.

دارت الدنيا بسمر، لكن ذكاءها الذي يخونها مع كل طارئ وشك بسيط؛ ساندها وهي تتوصل إلى الحقيقة المؤلمة و الصادمة .

.."عليَّ أن أتماسك،،،"

لَبسَتْ القطْعَة عَيْنَهَا ، وَوَقَفَتْ مُرَحّبَةً بقُدُوم سَعْد.



 
  نادية الأزمي - المغرب (2011-02-22)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

نزوة-نادية الأزمي - المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia