الـــرقـــم 6-ميمون حــــرش - المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

الـــرقـــم 6

  ميمون حــــرش    

   انتبهت فجأة لساعتها المعلقة على الحائط ، ألفتها معطلة من "التيك تاك"، وما درت لماذا توقف عقربها عند الرقم 6 تحديدا، إنه رقم تتطير منه منذ بلغت السادسة ربيعا، وربما خريفا . ضربت كفا بكف، وحرقت الأرم،شبكت كفيها، كمن يخبئ بينهما ما لا يقال، وحين حررتهما ، وضعت الأيمن على قلب لا زال يخفق من هول صدمة الرقم النحس، أما الكف الثاني فحيرتها، فما درت أين تلقيها.. تجاهلتها للحظات،  حملقت في الساعة  جسدا أما روحها فكانت متعلقة بشيء آخر، إنه التفكير بما يخبئ لها رقم 6...حولت نظرها من جديد نحو الحائط، ودخلت في حالة بين اليقظة و النوم، كانت النار تستعــر في صدرها، لهيب الأسوأ الآتي غدا حتما سيطالها ، هكذا رقم 6 معها دائما، إنه نذير شؤم.. كانت لا تزال تحملق في الساعة حين لفتها أمر غريب، وتلك صدمة أخرى :

-    ما هـــذا ؟

صرخت، وهي التي ترفض رفع الصوت عاليا، وتعتبر دائما الذين يرفعون أصواتهم ليسوا على حق دائما.

إنه كفها، ذات الكف الأيسر، تغادر جسدها النحيل، فتتحول إلى أفعى جميلة تزحف لا نحوها، لكن صاعدة إلى حيث الساعة المعطلة، التفتِ الأفعى، التوت، ذيلها بدا مثل رأس عقرب ساعتها، ومن الشبه لم تستطع أن تفرق بين العقرب، والذيل، الأفعى ربضت هناك فوق الحائط معلقة مع الساعة، و من خلال حركات ملتوية متموجة، شكلت ما يشبه حرف الهاء حول الساعة، يتبدى،في الوسط ، الرقم 6 متوجا كأمير هندي.

-    ما هذا؟!.. يا إلهي! انظــر... ( لم تكن تدري من تخاطب) .

لقد تحولت الأفعى برأسها للخلف، وعضت ذيلها، وربما عقرب الساعة..ثم تحركت الحية بسرعة في ما يشبه الدوامة و نظرت إلى الفتاة نظرة لا مبالية، مدت رأسا ثم فردت أذنين، أما ذيلها فنز عن صوت مثل جرس، تمططت و اقتربت منها أكثر، مشكلة ما يشبه حبلا مفتولا بدقة أوله معلق عند الساعة، وآخره يكاد يلامس وجهها، ومن هول الصدمة بدت الفتاة كمحنطة، لم تتحرك، و لم تصدر عنها ردة فعل، كل جوارحها كانت معطلة،وكل ما فيها قلب ينبض،وعينان فقط تحملقان في الحية الكوبرا، وفيما يشبه الخروج من داخل ومضة ضوء استيقظت ثم قضت بقية الليل تتأمل كفيها..

 لا شيء غير صمت وسكون، ولا يسمع في الغرفة غير" تيك وتاك" من ساعتها المعلقة على الحائط ، كانت دقات قلبها أسرع منها، هي كذلك دوما، إنها كومة من الأحاسيس، والساعة كومة من حديد ليس إلا، ولولا البطاريات لما دقت أبدا.

 الساعة الآن تشير إلى الخامسة والنصف، والفجر سيبدو، بعد قليل، في الأفق بنور الصباح، وآذان المؤذن سيخرق الهدوء لا في غرفتها بل في أعماق دواخلها، وبعد الآذان ستدق الساعة السادسة، وبعد الصلاة ستتلوها أرقام أخرى، والناس سينتشرون في الأرض،سعيهم سيكون شتى في عالم لا ينفع معه سوى الاقتحام.. لا شيء سيتغير و الدنيا كما نعرفها فقط لا غير.

قالت بدون صوت :

 ما أغرب هذا السكون، واللعنة على مخترع الأرقام.

تنظر ذات اليمين و ذات الشمال.. ترى ماذا دهاها..ألم تكن تحلم؟!..ثم يأتيها صوت من اللا شيء :

 " يا أيهاالليليون المهذبون، دعونا نحلم.. ونعم ما نفعله في زمن العولمة التخيل .

        قالت بلا صوت كمن يقسم:

"من يدري لعل كل شيء في حياتي كان حلما.

أضافت وهي تنظر في ساعتها:

 هذه الدنيا قرف ،ولكم أتمنى أن أصبح مثل "هاري بوتر" لأهرب، بل لأحلم بعوالم طالما أبهرتني.."




 
  ميمون حــــرش - المغرب (2011-03-10)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

الـــرقـــم 6-ميمون حــــرش - المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia