رَحَلتَ بَعِيداً بَعِيداً
دُونَ دَلِيل
و انْطَفَأَتْ كَثِيراً كَثِيراً
في قَلْبِي القَنَادِيل
وفي مُنْعَطَفَاتِ الأَزْمَانِ
أَبحَثُ مُتَهَاوِيَةً
عَن الأَمَان
عن الشَوَاطِئ السّمرَاء
و عُطُورِ الحِسَان
عن أمْوَاجٍ تَحْمِلُ
قَارَبَ الأَمَان
عن صَبَاحَاتٍ تُدَثِّرُني
بِبَيَاضِهاَ المُتَوَارِي
تَحمِلُنِي إِلَى مَا وَرَاءَ
جُزُرِكَ المُتَسَرِّبَة
عَلّي أجِدُ مَرْسىً
لِرُوحِيَ الكَلِيلَة
عَلَّى نَومَةً
تَأْخُذُنِي بَعِيداً.. بَعِيداً
إِلَى فَضَاءَاتِ الفَرَاشَاتِ المُرْتَاحَة
وَ مَسَاءَات الأَفْرَاحِ المُسْتَبَاحَة
أَعْدُو خَلْفَ قُرَاكَ المُتَنَقِّلَة
لَيْلَ نَهَار
وَ حُرْقَةُ الفُؤَاد
تَأْكُلُ أعْشَابَ قُوَاي
تُشْعِلُ نِيرَانَهَا
مِن تَنْهِيدَةِ الجُرْحِ البَاقِي
تَعْصِرُ زَيتَهَا
مِن سُجُومِ دَمْعِ المَآقِي
و ارْتِجَافَات الحَنِينِ
تَهُزُّنِي...تَعْصِفُ بِي ...
تَزُجُّ بِي فِي بِحَارِ الأَشْجَانِ
و أَنَا أَتَشَبَّتُ...
بِأَيَادِي شَمْسٍ هَزِيلَه
تُشْرِقُ وَتَغِيبُ
فِي أَوقَاتٍ قَلِيلَة
* * *
أَعْتَزِلُ أحْزِانِي
أَجْلِسُ فَوْقَ تَلَّه
أَتَلَمَّسُ النُّجُومَ البَلِيلَه
أُعَانِقُ قَمَرَ الأَمَل
عَلَّهُ يُسْكِتُ
أَنَّاتِيَ العَنِيدَه!
تِلْكَ سَمَاءٌ أَوْصَلَتْنِي إِلَيهَا
صَلَواتٌ فَرِيدَه!
و تَظَلُّ تَنْثَالُ عَلَى قَلْبِي
ارْتِعَاشَاتٌ شَدِيدَه ...
و يَظَلُّ يُظَلِّلُنِي الأسَى
بِأَردِيَتِهِ الزَّهِيدَه!
و أَنتَ سَائِرٌ...سَائِرٌ
فِي سَفَرِكَ البَعِيد
تَغِيبُ ...تغِيبُ
معَ ارْتِجَافَاتِ المَغِيب
أرَى النُّورَ
يَهرُبُ مِن طَيفِكَ
أَتَلَقَّفُه كي أَصنَعَ مِنه
عَالَميَ الجَديد
أَصُوغ مِنه أُسْلُوبَ
الذِّكْرَى لاَ النِّسْيَان
الوُثُوقَ لاَ الخذْلاَن
وأَسفَاراً في يَاقُوتِ الزَّمَنِ المُتَفَلِّت
وغِيَابات فِي سَرٍّ مُتَفَتِّت
* * *
ويَحمِلُنِي القَارَبُ إِلَى شَاطِئٍ
لاَ اسْمَ لَه ولا لَونَ ولاَ رائِحه
كُلُّ شَيْءٍ صَارَ بِدونِ مَعْنَى
بِدُونِ فَائِدَه
كُلُّ شَيْء فَارِغٌ تَنْبَعِثُ مِنْهُ
رَوَائِحُ فَاسِدَه
كُلُّ شَيْءٍ مُقْفَهِرُّ
أَرْكَانَهُ جَامِدَه
وأَنْتَ سَائِرٌ...سَائِرٌ
فِي أَسْفَارٍ شَارِدَه