بالعكــس-صفاء عسيلة - الجزائر
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

بالعكــس

  صفاء عسيلة    

السمراء تقف أمامي، ترمقني بحدة سلسة، تغار ربما من الكرّاسة التي أعاشرها منذ شهرين تقريبا، كرّاسة تأتي وأخرى تروح، وكل ما فيها كلمات تُعصر من ” غٌصّة ” المواطن المغبون.
السمراء تقول عنّي مغبون، ومتأكد أني في نفسها أحمق، فأقوم راض بالمغبون والأحمق داخلها لأني كذلك.
الجلسة الأخيرة مع الطبيب، لخّصت لي أنّي لست مريضا أو مجنونا، كل مافي الأمر أن كثرة الفرح والهناء جعلتني أخلط الكلام، فيصبح “بالعكس” ،فمثلا بدل أن أقول أبيض أقول أسود، بدل الفرح أقول التعاسة. وانعكس ذلك على ما اكتب منذ سنوات ولم انتبه لهذه المشكلة النفسية .
“كل شيء كان مزيّفا في ذهنك” قال الطبيب في آخر جلسة بدوت فيها أحسن من ذي قبل. قالها وهو يبتسم فرحا بالتطور الذي أعيشه وتعيشه السمراء معي. صرت أتحدث عن الحب و الأمان، عن الطمأنينة و وفرة المال. صرت أقول أن السرقة اختفت و الأخلاق الحسنة غزت، والفساد لم يكن، بل زيف الحقيقة يموّه الصواب داخلي.
صرت أشاهد نشرة الثامنة وأنا مبتسم، بل وأطأطئ رأسي للإنجازات العظيمة والطرق الكبيرة والجيوب الأمينة.
لقد انقلب حالي رأسا على عقب، جعلني أرى رجْلي السمراء قبل رأسها، وابتسامتها قبل حزنها.
ومع هذا سمحت للأمل أن يحتمي لأن القلم لا يغتر و لا يختفي .
السمراء تقف أمامي، تستشعر الغموض في حركة قلمي، تفكر في رقم الطبيب اذا ماتمردت وعاد المرض يزاحم أوراقي، و يحاصر نصّي من كل دفّة.

النـــص:
***********************
سياسة “مبنى الثقافة” لتعزيز مكانة الفنان والغناء والرقص ، ترسل الكاتب لبيته لأن قلمه لايهزّ الوِسط ولايغني
هانحن أسماء لم تظهر لامن قريب ولا من بعيد، نستشعر خطى الخفاء وراضون، لأن الخفاء به مانريد، به مايريح الفؤاد ومايشعل داخله الرغبة في المزيد، به نزاهة تدلّت على أكتافنا وصمتٌ وراء أقلامنا.
حكمة الكلمات نحن وفِطر في الخفاء ينمو.
لم يعترفوا  بأقلامنا واجتمعوا كي ينطفئ عودنا، فقام اشتد علّمنا العلا، وسمحوا للحرف اللاتيني أن يستفز لغتنا فعلّمنا نَمْلنا الفصحى، بل وعلِمنا في جهلنا وسكتنا عن ظلم جهلهم فزاد حِلمنا.
كتبنا كذا ورمينا كذا، ونمنا والكتب فوقنا، وناقشنا الكبير وعلّمنا الصغير ونصحنا المسؤول فصدّنا.
انفجر يا فتى ، نادهم :  انهضوا أ ولستم هنا؟ ألسنا من حطّمنا الحجر وعشنا الخير والشر ورفضنا الوهن؟
سلام إلى من فجّر نور العقول وأسكت البطون، إلى جزائري ينام يدعو لبلده ولايدعو للمسؤول.
سلام إلى من رفض إلهاءًا غزى الأذهان و استغفر ربّه وعن المنكر صام.
***********************************
أتممت جمع الكلمات، و طمأنتها بأني كتبت تقريرا عن التسيير الحسن لميزانية وزارة الثقافة، فقابلني رأسها المنقلب المبتسم ونامت في سلام.



 
  صفاء عسيلة - الجزائر (2011-04-08)
Partager

تعليقات:
عمر عيلان /الجزائر 2011-04-15
ما قرأته يمكن أن يصنف في سياق الخاطرة الومضة التي تسعى للقبض على لحظة وتثبتها بكل نا تحمله من عمق وقولا تأثير في النفس والروح
البريد الإلكتروني : مهففثقضفعقضغضاخخ.بق

الروائي الزين نورالدين/الجزائر /الجزائر/بشار 2011-04-13
شكرا لك ياصفاء صفاء اللغة وشاعرية النص السردي مع غرابة جنون البطل الساريدي دون المحكي وكيف ونحن بالجزائر ولانعرف هذه القاصة:الزين نورالدين 5ب26 شارع الأمير عبد القادر الدبدابة بشار الجزائر
البريد الإلكتروني : zine.nourrddine@yahoo.fr

د.معمر بختاوي /الرباط المغرب 2011-04-12
جميل هذا النص الذي يحكي عن سارد مجنون أمام فتاة تقف أمامه..
البريد الإلكتروني : m.bakhta@live.fr

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

بالعكــس-صفاء عسيلة - الجزائر

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia