رَحَلُوا؛ فَتَرَنَّمَتْ لُغَةُ الزُّهُور!-صقر أبوعيدة -فلسطين
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
شعر

رَحَلُوا؛ فَتَرَنَّمَتْ لُغَةُ الزُّهُور!

  صقر أبوعيدة    

رَحَلُوا عَلى ظَهْرِ التَّشَفِّي..
وَالْقُلُوبُ حَوَتْ رِمَاحاً مُشْرَعَهْ
رَحَلُوا وَشَمْعُ قُبُورِهِمْ يَخْبُو مِنَ الرِّيحِ الّتي هَبَّتْ عَلَيهٍ لِتَنْزِعَهْ
رَحَلُوا وَشَمْسُ سَمَائِهِمْ أَلْقَتْ ضَفَائِرَهَا تُبَلِّلُ ظِلَّهَا
وَالْقَومُ أَلَّفَ بَينَهُمْ عَطَشُ الْعُيُونِ لِدَمْعِهَا
رَحَلُوا مِنَ الأَرْضِ الّتي جَالَتْ بِهَا الأَيدِي تُنَادِي مَغْرِبَهْ
رَحَلُوا بِتَارِيخٍ تَسَرْبَلَ بِالْخَوَاءِ وَقَيدِ شَعْبٍ أَثْخَنَهْ
رَحَلُوا وَما حَمَلُوا لِيَومِ مَلامَةٍ غَيرَ الْعَوِيلِ وَنَوْحِ أُمٍّ مُفْجَعَهْ
صَيفُ الْمَرَاعِي يَشْتَكِي حَيفَ الْقُصُورْ
فَالطِّينُ يَجْمَعُ لَحْمَهُ مِنْ بَينِ أَضْرَاسِ الصُّخُورْ
فَلاّحُهُا مَاضٍ عَلى مَقْتٍ وَبَطْنٍ هَائِمٍ بَينَ الكُفُورْ
رَحَلُوا وَما اشْتَاقَتْ لَهُمْ طُرُقُ الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى
فَرِحَتْ لِمَهْلِكِهِمْ غُصُونُ الشَّمْسِ وَالْهَمْسُ الأَسِير..
 وَمَنْ رَآهُ أَفْزَعَهْ
فَاللَّيلُ يِكْتُبُ حُلْكَةَ الأَيَّامِ في وَجْهِ الضَّمِير..
وَيُسْمِعُهْ
دَمْعَ الثَّكَالَى وَالْعِظَامُ مُهَشَّمَهْ
وَالْجَفْنُ يَهْرُبُ مِنْ مَآقِيهِمْ..
وَما حَزِنَتْ عَلَيهِمْ نَسْمَةُ الأَمْوَاجِ أَوْ عُشْبُ الدُّرُوبِ..
وَلا رَغِيفٌ في مَخَازِنِهمْ لِثَغْرٍ يَمْنَعُهْ
وَتَعَجَّبَتْ مِنْ حِقْدِهِمْ عُصْفُورَةُ الْجُرْنِ الّتي غَنَّتْ تُنَادِي..
مَنْ يَقُومُ وَيَخْلَعُهْ
كَانُوا عَلى أُدُمِ الصُّدُورِ يُمَرِّغُونَ خُيُولَهُمْ
وَكِلابُهُمْ مِنْ كُلِّ صَوبٍ تَفْرِشُ الْوَرْدَ الْهَجِينَ وَتَلْبِسُهْ
رَبَطُوا الْحُرُوفَ عَلى الشِّفَاهِ وَذَاكَ شَعْبٌ ضَيَّعَهْ
فَتَعَطَّلَتْ مِنْ صَخْرِهِمْ سِكَكُ الْحَصَادْ
والقَمْحُ يَرْسُمُ حُلْمَهُ
 رَقْصَ الْمَنَاجِلِ في الْوِهَادْ
رَحَلُوا وَما هَدَأَتْ لَهُمْ كَفُّ الْعِبَادْ
وَتَفَلَّقَتْ بِالأَيدِ أَصْوَاتُ الرَّحِيلْ
مَنْ يَضْرِبِ الصَّخْرَ الأَصَمَّ بِأَنْفِهِ
فَقَدِ امْتَطَى ظَهْرَ الأُفُولْ
وَالسَّرْجُ مَقْطُوعُ الْفَتَائِلِ وَالسَّبِيلْ
لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ النُّسُورَ تُطَوِّقُ الْقَمَرَ الْبَعِيدَ..
وَتَغْرِفُ الأَنْوَارَ مِنْ حِضْنِ السَّمَاءِ وَتَنْثُرُهْ
لَحْنَاً شَجِيَّاً يَسْتَقِي عَرَقَ الشُّعُوبِ وَتَزْرَعُهْ
مَنْ ظَنَّ أَنَّ رِيَاحَنَا تَرْضَى بِدَارِ الْهُونِ قَدْ ذَلَّتْ لَهُ مُسْتَودِعَهْ
لَمْ يَقْرَأِ الأَنْبَاءَ وَالأَحْلاَمُ كَانَتْ مَقْبَرَهْ
أَرَأَيتُمْ الْجُدْرَانَ كَيفَ تَحَرَّكَتْ فَوقَ الرُّؤُوسِ..
وَزَلْزَلَتْ حَدَقَاً فَلا اسْتِقْرَارَ فِيها أَوْ دَعَهْ
لَمْ تَتْرُكُوا فُرُجاً تَسِيلُ بِها وَلا عُرُشاً تُظَلِّلُ شَتْلَهَا
هَلْ تَسْتَقِرُّ لَكُمْ شَوَاطِئُ بَالِكُمْ إِنْ لَمْ تَقُمْ حُجُبٌ تَحُولْ؟
لَكِنَّهُمْ غَرِقُوا بِأَيدِيهِمْ وَحَطَّتْ فَوقَهُمْ سُقْمُ الْخُطُوبْ
فَتَوَرَّدَتْ في الصُّبْحِ شَمْسٌ حَبَّرَتْ حَجَلَ الْخُيُولْ
وَاللَّوزُ شَعْشَعَ في الْبَرَارِي وَالْحُقُولْ
وَتَرَنَّمَتْ لُغُةُ الزُّهورِ عَلى نَسيمِ الْفَجْرِ والْعَينِ الْكَحيِلْ
لَكِنَّ ذِكْرَاهُمْ تُؤَرِّقُ قَلْبَ قُبَّرَةٍ عَلى أَفْراخِهَا
لَمْ يَدْرِ أَنَّ النَّوءَ أَلْقَى صَمْتَه رَعْدَاً وَبَرْقَاً لَمَّعَهْ
وَعُيُونُهُمْ حَطَّتْ عَلى مَتْنِ الْفَضَاءِ..
فَهَذهِ أَحْلامُنَا
أَوْقِفْ جُيُوشَكَ إٍِنَّ حُلْمَكَ لَنْ يَطُولْ
شَْعٌب رَمَى عَنْ صَدْرِهِ أَرَقَ الْعَوِيلْ
وَتَعَلَّقَتْ عَينَاهُ باِلآيَاتِ وَالْحَبْلِ الأَصِيلْ
لَمْ تَرْكَنِ الأَشْجارُ لِلْجِذْرِ الْخَجُولْ
مَنْ شَرَّدَ الطَّيرَ الّذِي سَكَنَ الْبَرَارِيَ..
وَالْحِرَابُ تَجَمَّعَتْ في مَضْجِعِهْ
وَسَنابِلُ الْوَصْلِ اخْتَفَتْ قَبْلَ الْحَصَادْ
أَطْفَالنُا يَا خَوفُ صَالُوا في الْمِهَادْ
فَلْتَرْحَلُوا..
شُفَعَاؤُكُمْ لَمْ يَتْرُكُوا حُبَّاً فَهَامُوا صَعْصَعَهْ
هَتَفَتْ عَلى آذَانِهِمْ أَصْدَاءُ أَرْضٍ فَارْحَلُوا
يَا هَذِهِ الصَّرخَاتُ قُومِي وَاقْلِبِي
مِيزَانَ جَورٍ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَرْفَعُهْ
مَنَحُوكَ بَيضَةَ عِشْقِهِمْ وَتَصَبَّرُوا
صَارُوا يَئِنُّونَ امْتِثَالاً لِلرَّغِيفْ
وَلَّوكَ أَنْفَ ذَلُولِهِمْ وَتَغَبَرُوا
فَجَمَعْتَ مِنْ أَشْنَافِهِمْ أَقْفَالَهَا
وَجَلَسْتَ تَحْلِبُ مِنْ فَسَائِلِ حُلْمِهِمْ
عَرَقاً كَرَعْتَ نَبِيذَهُ وَالسُّحْتَ مِنْ عُنُقِ الضَّعِيفْ
وَلَصَقْتَ في ظَهْرِ الْبَسِيطَةِ كُلَّ أَفَّاكٍ خَتُولْ
فَتَقَمَّصَتْ أَبْنَاؤُهُمْ صَمْتَ الرُّفُوفْ
يَرْجُونَ طِحْناً لِلْغَدَاةِ بِلا وَجَلٍ
أَوْ عَيشَةً فِيهَا الضُّحَى خُبْزُ الأَسِيفْ
الْوَقْتُ يَجْرِي وَالْعَوَاصِمُ تَصْفَعُكْ
فَانْسَلَّتِ الأَفْوَاهُ تَزْفُرُ بِالسُّيُوفْ



 
  صقر أبوعيدة -فلسطين (2011-04-14)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

رَحَلُوا؛ فَتَرَنَّمَتْ لُغَةُ الزُّهُور!-صقر أبوعيدة -فلسطين

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia