(1)
رَصاصُ البَنادِقِ أَخْطَأَ صَدْرَ العَدُوِّ
وَلَكِنَّهُ قَدْ أَصابَ صُدورَ الأَحِبَّةِ
آهٍ أَصابَ الصُّدورا
فَلَوْ نَحْنُ مِنْ مازِنٍ يا أَحبَّاءِ
لَمْ تَسْتَبِحْ طَلَقَاتُ الرَّصاصِ الصُّدورا
لِمَاذا بِسَوْسَنَةِ الفَجْرِ نَحْلُمُ
مِنْ أَيْنَ يَأْتي الضِّياءُ إِلَيْنا
-أَحِبّايَ- مِنْ أَيْنَ يَأْتي الْحَمامُ
وَهَا الشّامُ تَكْرَهُ أَهْلَ العِراقِ
وَأَهْلُ العِراقِ لَهُمْ كَارِهُونا
وَكُلٌّ لِصَاحِبِهِ مُبْغِضٌ
يَرَى كُلَّ ما كانَ مِنْ ذاكَ دِينا
فَيَا طَلَقاتِ الَبنادِقِ
رُشِّي صُدورَ الأَحبَّةِ رُشّي العُيونا
وَلا تَسْألي كَيْفَ نازَلْتُ ذاتي
فَلَوْ قَتَلَتْني فَأَرْتاحَ مِنّي
وَلَكِنَّها أَخَذَتْنِي أَسيرا
(2)
تَدْخُلُُ سيقانُ الْحُزْنِ شَوارِعَ ذاتي. مَنْ دلَّ الْحُزْنَ عَلَيْكَ وَمَنْ علََّمَهُ أَنْ يَبْنِيَ مِنْ أَشْجارِكَ أَعْشاشاً يا نارُ اشْتَعِلي. لا مانِعَ أَنْ تَقْتَحِمينِي. اقْتَحِمينِي وَأَريحينِي مِنْ سيقانِ الْحُزْنِ. هِيَ النّارُ تَراقَصُ في غاباتِ الأَرْضِ وَلَكِنَّ لِذاتِـيَ أَشْجاراً باسِقَةً تَحْمي الطَّيْرَ مِنَ الْحُزْنِ فَيا نارُ اشْتَعِلي إِمَّا جاءَ العيدُ وَإمَّا أدْبَرَ هَذَا العيدُ اشْتَعِلي لا مانِعَ أَنْ تَقْتَحِمينِي. اِقْتَحِمينِي وَأَريـحينِي مِنْ سيقانِ الْحُزْنِ القاتِل.
(3)
اِشْتعَلْتُ مِرارا
وَهَا أَنَذَا أَحْتَرِقْ
هَذِهِ الرّيحُ تَجْمَعُنِي مِنْ رَمادي
تَقُولُ: انْطَلِقْ أَيُّها الْوَلَدُ الغَمْرُ
لَكِنَّما قَبْلَ أَنْ أَنْطَلِقْ
أَحْتَرِقْ
.................................
أَنْتِ أَيَّتُها العيسُ دوسي بِأَخْلافِكِ الزُّرْقِ ما قَدْ تَبَقَّى أَمامَكِ مِنْ وَشْوَشاتِ رَمادي امْسَحي كُلَّ ذَرّاتِهِ أَوْ ضَعيها عَلَى سَعَفِ النَّخْلِ سُنْبُلَةً تَحْتَرِقْ
(4)
مَنْ إِلَيْكَ شَكا بِتَحَمْحُمِهِ. واهِمٌ أَنْتَ لا تَطْلُبُ البيدُ غَيْمَكَ إِلا إِذَا أَخْرَجَتْ ثِقْلَها الأَرْضُ. تَذْكُرُها وَصَوارِمُهُمْ مِنْ دِمائِكَ تَقْطُرُ. تَذْكُرُها هَلْ وَدِدْتَ عِناقَ الصَّوارِمِ إِذْ لَمَعَتْ مِثْلَ بارِقِ ثَغْرِ حَبيبَتِكَ الْمُتَبَسِّمِ أَمْ هَلْ وَدِدْتَ الدُّخولَ إِلى مَمْلَكاتِ الثُّلوج.
واهِمٌ أَنْتَ هَلْ يَنْسِجُ الْكَرُّ وَالْفَرُّ أَجْنِحَةً في زَمَانِكَ هَذَا. هَلْ يَنْسِِجُ الكَرُّ وَالفَرُّ عُشّا يَقيكَ لَهيبَ الثُّلوج.
واهِمٌ أَنْتَ. هَلْ كَبِدٌ لَكَبيرِ العَشيرَةِ
هَلْ كَبِدٌ لِلْحَجَرْ
فَتَسَلَّلْ إِلى عُمْقِ أَحْشائِكَ الآنَ
فَتِّشْ أَتَلْْقى بِها كَبِدا
(5)
خَلِيلَيَّ ما لِلْحُزْنِ يَزْدادُ جِدَّةً
عَلَى الدَّهْرِ وَالأَيّامُ يَبْلَى جَديدُها
أُقَدِّمُ قَلْبِي لِلْقَبيلَةِ نَخْلَةً
لَعَلِّي بِها أَدْنو مِنَ القَمَرِ العالي
وَلَكِنْ تَخَطَّانِي مَطايا أَحِبَّتِي
فَأَبْقَى بِلا قَلْبٍ وَأَبْقى بِلا آلِ
فَتَعْوي الذِّئابُ الزُّرْقُ ما بَيْنَ أَضْلُعي
وَتَزْحَفُ سيقانُ الصَّدى نَحْوَ أَوْصالي
أَلا ما لِهَذا الْحُزْنِ يَزْدادُ جِدَّةً
وَما لِرِياحِ الْخَوْفِ جاءَ بَريــدُها
(6)
هُوَ العيدُ في الطُّرُقاتِ
يُوَزِّعُ جَمْراً عَلَى الشُّعَراءِ
وَخَمْراً عَلَى الأُمَراءِ
فَماذا يُخَبِّئُ لِلْفُقَراءِ
هَلْ يَلْتَقي الْجَمْرُ بِالْخَمْرِ
هَلْ يُعْطِيانِ لِكُلِّ الْمَساكينِ وَجْهاً جَديداً
........................................
هُوَ العيدُ عيدُ
بِأَيَّةِ حالٍ يَعودُ
بِمَا قَدْ مَضى أَمْ بِأَمْرٍ جَديدُ
أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبيدُ دونَهُمو
وَأَمّا ثَبيرٌ فَمَا عادَتِ العُصْمُ تَأْمَنُ فيهِ وَأَمّا حِراءُ فَإِنَّ الصَّنَوْبَرَ يُورِقُ في جَوْفِهِ ثُمَّ يَمْتَدُّ بَيْنَ الْمُحِبّينَ أَغْصانُهُ تَتَسَلَّلُ جَهْراً إِلى صَدْرِ كُلِّ عَشيقٍ عَساها تَفُكُّ طَلاسِمَ دَقاّتِ كُلِّ القُلوبِ. وَأَمّا الْجُنُودُ فَما عَسْكَروا في الثُّغورِ وَمَا زَيَّنوا بِالدِّماءِ الثُّغورا
وَلَكِنّهُمْ عَسْكَروا مَوْهِنا في البُيُوتِ
وَعِنْدَ الضُّحى طارَدوا في الْحُقُولِ الطُّيورا
هُوَ العيدُ مَنْ سَرَّهُ العيدُ هَذَا الْجَديدُ
فَإِنِّي بِأَزْهارِهِ ما لَقِيتُ السُّرورا
هُوَ العيدُ مَنْ سَرَّهُ العيدُ وَالصَّحْبُ لَيْسُوا حُضورا
(5)