*** يواجه العمل الصحافي المغربي مرة أخرى محنة عصيبة، بلجوء الدولة إلى منطق الاعتقال و توجيه التهم الفضفاضة للصحافيين، و ذلك في الوقت الذي كنا نعتقد فيه أن رياح الربيع العربي قد أدركت بلادنا، و أثرت إيجابا في طريقة تفكير مسؤوليها، خصوصا القائمين على تدبير المسألة الإعلامية.
بيد أن اعتقال الزميل رشيد نيني و إيداعه بين جدران السجن، أكد لنا أن التغيير في المغرب مازال سبيله صعبا، و نضاله شاقا، و تضحياته تستدعي منا النفس و النفيس.. كما أكد لنا مرة أخرى أن الدولة عاجزة عن فهم الحرية بمعانيها السامية، و ضعيفة في سن سياسة راشدة للتعاطي مع قضايا العدالة و المواطنة.
لقد بات مطلوبا منا كصحافيين أن نقرأ جيدا قضية اعتقال الزميل رشيد نيني الذي حول " فعل " القراءة بالمغرب إلى حقيقة ملموسة، بعد أن كنا نشتكي دائما من نسبها المتدنية مقارنة بدول أقل منا قدرة اقتصادية، و حيوية اجتماعية.
نقول بات مطلوبا منا أن نفهم السياق الذاتي و الموضوعي لهذا الاعتقال، لأنه اعتقال يوحي بأشياء مهمة و خطيرة في آن واحد.. يوحي بأن الصحافة المغربية مستهدفة في ذاتها و تطورها و مستقبلها المهني و التعبيري و الأخلاقي.. و مستهدفة في أبنائها و تطلعاتهم الدائمة نحو واقع أكثر حرية و ديموقراطية.. كما يوحي هذا الاعتقال أن مؤشرات التغيير الذي أفصح عنها خطاب 9 مارس 2011 أصبحت مهددة من طرف أعداء/جيوب مقاومة التغيير الذين لا يحبون أن يمضي هذا البلد الآمن، نحو حالات من الشفافية و النزاهة و العدالة في تدبير الشأن السياسي و الحقوقي و الاقتصادي و الثقافي.
لذا نقولها بكل صراحة، إن اعتقال رشيد نيني يسيء إلى ما عبر عنه خطاب 9 مارس المذكور، و يزحف بنا مرة أخرى إلى عصور مظلمة، و أساليب قديمة في بناء المواطن و الدولة.. أساليب مبنية على التخويف و الترهيب و الزنازن و الرصاص.
لكن، إيماننا قوي بالكلمة.. و بالصحافة الحرة القوية الجريئة.. بها نعلن تضامننا المطلق مع الزميل رشيد نيني.. و بها نطالب بالإفراج عنه.. و بها ندعو إلى تحرير بلدنا الآمن من أعداء الحرية.. و ممن يخافون من الكلمة الهادئة و العارية إلا من الحق.
افتحوا نوافذكم لنسائم التغيير القادمة من كل صوب و حدب، و املأوا صدوركم بهواء الحرية النقي، و أطلقوا سراح رشيد نيني لنبني جميعا اليوم مغرب الغد.