المضمار-محمد عباس على داود - مصر
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

المضمار

أركض
لاتتوقف هكذا ..نعم
ادفع هذا  الذى كلّت قدماه..المضمار لايقبل الضعفاء..اركض وانظر أمامك .. نعم ..ولاتبالى بهؤلاء  الذين يمرقون بجانبك ، فهم لايبالون بك ، ولا ينظرون اليك الا لتحديد  الخطوة التى ستكون  أمامك .. فى البيت سيهللون لك اذا سبقت ..سوف ترى فى الأعين السرور ،وسوف يظلون على فخرهم بك طالما أنت تواصل الركض داخل المضمار بنفس العزم ، وربما تطوع أحدهم راضيا ً أن يمضى معك ، يتعلم منك ،عازماً فى نفسه إن استطاع أن يسبقك ذات يوم .
.................
آااااااه
هذا ماكنت تخشاه طول الوقت قد حدث ،  السقوط  وسط المضمار  ، تدوسك الأقدام ، تطأ رأسك ، يحملوك خارجا ً،  يتركونك وحيداً لاتبالى بك عين ولا يأبه لك سمع ، بالكشف يتضح وجود كسر ٍ فى إحدى ساقيك يمنعك من العودة ، تصرخ ، ترفض الإعتراف بالأمر ، تحاول النهوض
لمواصلة السباق ، لاتستطيع  ، تتجه عيناك الى قبة السماء ،ولأنها المرة الأولى لك لاتعرف مالذى يجب أن يقال ، تسقط رأسك فى إعياء على براح صدرك ، تذكر والدك الفران وذرات الدقيق تغطى جسده ، وأنت ذاهب اليه تأخذ مصروفك منه ، صورة تشغل ركناً فى ذاكرتك لايمحى ، رحمه الله لم يكن يحسن العدو ، كان بالكثير يمشى ، خطوته البطيئة جعلته فى المؤخرة دوما ً ، سبقه آخرون ، قطعوا المسافت بعيداً وتركوه مكانه ، كان السفح بالنسبة له آمناً ، لايرى فيه خشية السقوط التى تنتاب أهل القمم ، كانت لديه مقولات محفوظة من جدوده أصحاب الكهوف والسراديب والحفر أن القناعة كنز، والصبر ثروة ، ومحاولة تسلق المرتفعات مغامرة غير مأمونة العواقب ، لذا حينما نزلت أنت الى المضمار بدلا ًمنه  إتجهت اليك أنصاف الأنظار ، بعضها مشفق من طول السباق ومن قلة الخبرة بقانون الركض وحيل الراكضين ، والبعض الآخر  إستهزأ بك قائلا ً أن الولد سر أبيه ، ومؤكد يحفظ عبر سراديب عقله الممتلئة بخفافيش الظلمة المتوارثة  مقولات أبيه ، وأنك بالكثير ستهرول قليلاً فى براح السفوح ثم تنقطع منك الأنفاس لأن لين عظامك لن يساعدك على الإستمرار ، وانطلقت الى الأمام ،رأيت الحواجز تعترض طريقك ، والليل يدور بك والأعين ترصدك ، والسقوط يتعقبك ، لم تبال بشىء ،هرولت بكل جهدك وصورة أبيك لاتفارقك ،هرولت ولم تضع فى حسابك إمكانية التعثر أو احتمال السقوط ، حتى الآن وأنت فى مكانك على جانب الطوار وحيداً  الا من عينيك اللتان ترصان المضمار ومن فيه ، وصدرك الذى لاتهدأ ناره لاتفكر فى الشكوى ، ولاتلعن من أوقعك ، ولاتبكى لعدم وجود ساق جاهزة بدلا ً من تلك التى لم تعد ذات جدوى ، بل تستند على عكازك وتواصل العدو ،صحيح أن خطوتك تأثرت كثيرا ً باصابتك لكنك تمضى ماوسعك المضى ، المهم أن تكون داخل المضمار ،وهذا يحسب لك !!



 
  محمد عباس على داود - مصر (2011-05-18)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

المضمار-محمد عباس على داود - مصر

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia