دحّان-محمد مباركي / وجدة / المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

دحّان

وُلدَ " دحّان" من أبوين بسيطين في ضواحي إحدى المدن العربية العامرة. وُلدَ وشبّ كغيره من الصبية في حي شعبي يفتقر إلى أبسط شروط الحياة الكريمة.  تميّز الولد بعينين جاحظتين، يبرق منهما نظر ثاقب. كان في صغره، إذا  نظر إلى الناس يراهم عراة كما ولدتهم أمهاتهم. كان ينبئ زملاءه وزميلاته في المدرسة والحي بملابسهم الداخلية التي يلبسون، فكانوا يشكونه للمعلمين ولأبويه. أما في شبابه فأصبح يخترق بنظره الأجساد.. يبضّعها ..  يصوّر لأصحابها أعضاءهم الداخلية.. قلوبهم وأكبادهم وأمعاءهم ... كأنهم أمامه في مشرحة.
 
بأمر من حاكم المدينة، داهمت الشرطة فجرا منزل والديه وألقت القبض عليه .. استجوبته عدة ساعات في قبو مفوضية الشرطة. ومن الأسئلة التي طرحوها عليه زوار الفجر:
-  لماذا نظرك ثاقب بهذا الشكل ؟
ضحك دحّان من بلادتهم وأجابهم ببساطة:
- ما المسؤول عنه  بأعلم من السائل.
قال له كبير الشرطة:
- إذا استمرت شكاوى الناس منك سنضطر إلى فقء عينيك..
 
أطلقت الشرطة سراحه، لكنها أبقت عليه في شبه إقامة جبرية بمنزل والديه.
رفع حاكم المدينة أمره إلى الدوائر العليا، فأمر الحاكم الكبير بإحضاره على وجه السرعة إلى عاصمة البلاد، معصب العينين على متن طائرة مروحية.
 في المستشفى العسكري بالعاصمة، أجريت لجسد " دحّان " - ولعينيه بالخصوص- فحوصات طبية دقيقة.. كانت نتائجها عادية جدا.. حيرت الأطباء ومن ورائهم الحاكم الكبير.  وبعد شهر تمّ نقله إلى دولة عظمى تربطها بدولة " دحّان"  معاهدة تعاون وصداقة. وبعد شهر آخر نقلته سلطات تلك الدولة إلى مكان مجهول.
 
مات " أبودحّان " كمدا على ابنه الوحيد. ومازالت " أم دحّان " ، لحد كتابة هذه السطور، متنقلة بين مدينتها المترامية وعاصمة بلادها تبحث عن كبدها ، يحذوها أمل العثور عليه سليما في يوم ما.



 
  محمد مباركي / وجدة / المغرب (2011-05-19)
Partager

تعليقات:
عبد الواحد ابروح /maroc 2011-05-29
القصة تنبؤ بالثورة واستشراف لعورات المخزن انه توصيف للمخزن البئيس الذي يرسل ابناءه الى كواتنامو ببمجرد الشك الغة السياسية تنم عن هذا التناقض القلق وتحتاج الى تكثيف اكبر وجمالية في التهكم او النقد الهجائي بينما الصور الرمزية الاخرى حاضرة الى هنا تلتحم القصة بالواقع لاكنها لا تنحو الى التحليل مثلا الحوار الذي يكشف عوالم نفسية ومستقبلية اي رؤية فلسفية والكاتب عموما متماهي وملتزم يرسل نصا قصيرا س ام اس ضد الاستبداد الاعور
البريد الإلكتروني : aboroh@hotmail.fr

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

دحّان-محمد مباركي / وجدة / المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia