وقف عند قدم الجبل يتأمل صخرة عظيمة تسد باب كهف عتيق، ذكره
بقصة "علي بابا والأربعين حرامي" ..سوّى رزّته وقال مازحا:
-افتح يا سمسم...
وإذا بالأرض ترتج تحت قدميه، انشقت الصخرة العظيمة الى نصفين،
وهبت ريح صرصر جعلته يفقد توازنه ويهوي إلى الارض ..وماهي الا
ثوان حتى استقر الوضع. رفع عينيه إلى الجبل، وإذا به يرى الكهف
مفتوحا على مصراعيه وينبعث منه ضوء ساطع،اقترب من باب الكهف
بحذر شديد، وبدا له طريق مُعبّد يؤدي الى حجرة مفتوح بابُها.. اقترب
من الباب ورأى ما لا تصدقه العين. براميل مملوءة عن آخرها بالذهب
والماس والحلي النفيسة. اقترب أكثر فأكثر حتى بدأ يلمس
الذهب ويعبث بالماس ليتأكد انه لا يحلم ،خرج مسرعا وقال :
َ -اقفل يا سمسم…
تزلزلت الأرض وارتج الجبل. جلس القرفصاء ووضع يديه على رأسه
برهة حتى أقفل الكهف.
عاد مهرولا إلى المدينة، تارة يعثر في جلبابه، وتارة تسقط منه بلغته.
وصل إلى المدينة و اكترى من الجمّال ناقتين، ادعى انه عازم على
الرحيل. لم ينم تلك الليلة حتى مطلع الفجر. خرج بالناقتين ليلا حتى لا
يرمقه أحد. وفي طريقه كان يخطو خطوة و يلتفت وراءه ليتأكد أن لا
أحد يراقبه أو يتبعه.
وصل الكهف وربط الناقتين بشجرة عتيدة على مقربة من الجبل, شد
نفسه بالحبل حتى لا يفقد توازنه هذه المرة وصاح :
-افتح يا سمسم…
انتظر برهة و لم يقع شيئا ، اقترب أكثر وقال:
-افتح يا سمسم …
لم يحدث شيء .. سوى رزته وقال :
-افتح يا سمسم …
واذا بريح خفيف يلاعب أوراق الشجر والصخرة العظيمة لم تتزحزح
من مكانها. انتظر مطلع النهار وصاح في وجه الجبل:
-افتح ياسمسم، افتح يا سماسم، افتح يا سمسوم، افتح يا سي سمسم
ظل على هذه الحال مدة من الزمن يترنح كطائر مذبوح، والناقتان
تنظران إليه وتلوكان الفراغ وكأنهما تضحكان عليه .
وبعد حين سمع صوتا يناديه من فوق الشجرة، رفع عينيه ليرى من
هناك وإذا به غراب يقول:
ـ لا تتعب نفسك لقد غيرت كلمة السر بعد أن تعرض الكهف الى قرصنة
..وطار الغراب خلف الجبل.