الجبال-محمد خالص - المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

الجبال

موقعك يا تيغزى وسط حلقة الجبال الهرمة أعطى للمشهد بلاغة الإبداع ،  إيقاع يهتز له بؤبؤ العين إنبهارا ،
   الجبل للجبل , تذكرني حلقتهم  بطقس رقصة " أحيدوس"  ألأمازيغي الدائري ، المرأة للرجل ، و الرجل للمرأة،
" للبندير " نغم  به الدائرة تدور كما الشكل الدائري له  ،
للبندير دائرته ، 
للحيدوس دائرته ،  
 للشمس دائرتها ،
للأرض دائرتها ،
لجلسة الأكل دائرتها 

و لتيغزى  دائرتها ، 
  وكأني بها أميرة القرى الرقراقة الفياضة ، جيش عرمرم من الجبال يرابض على جنباتها و مداخلها الكبرى        
نرحل ،
نسافر،
نغادر ،طوعا ، قسرا ، ضرورة ....
لهم فكرة الثبات على عهد الولادة ، الخلق صامدون .
لا يرحلون ،
لا يسافرون ،
لا يغادرون ،
 قمة التعلق بالمكان ، دخول عميق في الوفاء ، غوص في باطن المقاومة ، انتصار للبيان الأول ، بيان التكون الأول..... 
2
 
شكل الجبال يمنحك شعور الأمان والطمأنينة ، وقفة واحد منهم تكفي لجعلك تستعيد دروس الجغرافيا ،
يعاودك درس تزحزح القارات ، تتذكر حركة الأستاذ يوم يشرح خرائط العالم المشتتة بفعل التاريخ ...
ترى هل التاريخ ينتصر دائما على الجغرافيا ؟ ومن يصنع الأخر ؟
لا أعلم  لماذا تطالعني ابتسامة على وجوههم كلما نظرت إليهم ؟
هل هم في حيدوس دائم ؟  
حتى شيخهم العوّامي هذا، ورغم النبش و الحفر الذي أعياه ، وفيّ لطلعته البهيّة ، ولهمّته الفذّة .
يقال : " إن عوام هو من يقوم بتسخين البنادير من حين لآخر حتى يحافظ الإيقاع على ديمومته و لتستمر رعشة الفطري تنخر مناط الصمت و الموت جاعلة من الحركة الفعل الوجودي ".
 
كف ممدودة من هذا الجبل، كف ممدودة من ذاك الجبل، كفوف ممدودة من هؤلاء الجبال...لهذا وذاك و هؤلاء بعد إشاري في قواعد اللغة ، لهؤلاء وذاك و هذا براعة احتضان تيغزى ، أخاف أن ينسحب أحد الجبال فيسحب كفه و ينقض العهد الأول ، عهد كتبت حروفه الذهبية على صفحات وصدور الجبال ...
لكل جبل حرف يلمع منه زاهيا ،
لكل جبل توقيعه ، قبيلته ، تداعياته ، ذكرياته ،تجاعيده ، كلومه الموشومة نهار مساء .....
 .3.    

يا القرية الناعسة قرب إشتعال حوارات حراسك السلاطين ،             
 كم من الوقت تتركينه لهذا الإستماع السرابي ؟
كم يلزمهم من الحرف و الكلم كي يسرقوا سمعك الممتد بامتداد مساحات الحلم فيك؟
كم من الوصايا و النداءات لتنخرط تفاصيلك الفاتنة في مجلسهم المدعّم من الشيخ العوّامي و رفيقه "إغرم أوسار" ؟

الجبال:  الحراسة طاقة من الإنتساب و الإنتماء ...إنها الوفاء
تيغزى : وهل وجودي بين آلكم إنتماء ...و وفاء ؟
جبل : للوفاء إنتماء.
جبل آخر : وفاء الإنتماء وفاء .
جبل آخر : إنتماء الوفاء إنتماء .
تيغزى : عفوا ، عفوا ، ...لقد فهمت أن الحوار بين الجبال ....

 مقتطف من محاورة <  جلسة الجبال

     الاقتراب من المسافة البعيدة يمنح فرصة لقاء مسافة اختزلت عن قصد أو بلا قصد في خانتي المعلوم واللامعلوم ،للمسافة عناقيد من المسافات الموزعة بالتساوي الممل ، متدلية كم عناقيد العنب عند التّشكل الأول ، ُمرّة في هذا الطور ، حلوة في آخر الطور ،  تلك هي طبيعة النضج و الإختمار الكلي  .....            إنها رحلة الإخراج المنتظر ...  
 رحلة الإكتمال و الوصول النهائي ... رغم أن النهاية بداية ...
    
    هكذا هي الجبال ... المسافة إليها تاريخ ، و " لهيرودوت " مساحة القول  و الإفصاح عن علوية وهرمية التاريخ ...
 التاريخ مسافة ، أ للمسافة تاريخ ؟
حوار يفترض أرضية نقاش مفتوحة يتجاوز ماهو تاريخي ، إنه ينفتح على  ، الرمز ، الأدب ، اللغة ، الإماءة ، الفكر ، الفلسفة ، التصوف ، التاريخ ،   الأنتروبولوجيا ،السوسيولوجيا ، العلوم الإنسانية ....
    
  الصعود للجبل فكرة ، وبعد فكرة الصعود تأتي فكرة المسافة ،كيف هي قمته ؟ كيف هي عروقه وأنسجته الداخلية  ؟  أ للجبل ذاكرة ؟ أ للجبل رواده ، أولياؤه ؟ ترى لماذا الأولياء يرقدون في الأعالي ؟

  إن رحلة الصعود هي ذاك اللقاء الصّدفوي للمسافات الأخرى ، ذاك القطف الفجائي المرغوب تحقيقه للعين  و القلب ، الصعود الََقمَميّ  محاولة اختراق فكرة الصعود ، نبش أركيولوجي في المسافة ....
   
ركوب الجبل مداعبة للسلطة في رمزيتها ،
خوض في مساحات و أبعاد و حدود وقيمة أطروحات مسألة الطبقية  ،
إكتشاف للعلاقات العمودية بعيدا عن التنظير و التقعيد الموجودين بين دفّات  المجلدات و الموسوعات ....

  ((    جرّب أن تصعد الجبل لتعرف من حولك  ))

 بين تيغزى و أنتم يا جبال الأطلس مسامات و عرو ق دقيقة ..
تمنحونها دماء الحياة، دماء الوجود،
 تمنحونها بقاء اسمها تلبسه كل عيد، كل احتفال، كل عام، كل يوم،...
         فتمنحكم رجالا، نساء، أطفالا،  شبابا،
تمنحونها دفئ لقاء نفسها على عتبات و أقاصي موقعها القابع بينكم ،
         فتمنحكم الضحكة ، الإبتسامة،
   
          تيغزى ....الجبال.....،

  توأم يراهن على الإنسجام والتوحد ،
 توأم يتساكن، يتهادن ،لإيقاظ المنفي، الغابر،
 كي يدخل حلقة التكون الأول في أبهى اكتمالاته وتشكلاته....



 
  محمد خالص - المغرب (2011-06-14)
Partager

تعليقات:
مراد أمسعدي /المغرب 2011-08-19
لي الشرف عندما تعرفت عليك صديقي خالص،صديقا متواضعا و مبدعا...ومحبا لبنت القراميد...تيغزى جزء من ذاكرتي،في عين المكان وفي الغرفة رقم321حيث كنت تقرأ علي هذا النص حرفيا...تحية إليك، وإلى تيغزى ولكل أهلها...ودمت صديقا مبدعا...
البريد الإلكتروني : am-phil@hotmail.com

حبيس المكان /khenifra 2011-06-14
هكذا عودنا الأخ الصديق محمد خالص بإبداعاته العميقة حبه الخالص الدفين لبنت القراميد ..فتحية تيغزاوية له واتمنى أن يرى مشروع هامش من وطني النور لكل قراء هذا الوطن وهامشه التغزاوي فمزيدا من الكتابة ... حبيس المكان
البريد الإلكتروني : hotmai.fr@abdo-tighza75

عادل الثيغزاوى /المغرب 2011-06-14
تحية الى تيغزى و الى صديقي محمد شكرا على وفاءك لتيغزى القرية, لتيغزى الام, و تحية لكل اهل تيغزى....تحياتي...
البريد الإلكتروني : traberba@hotmail.com

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

الجبال-محمد خالص - المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia