ذاكرة السؤال... وردة المجرى-المهــدي عثمان (تونس)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

ذاكرة السؤال... وردة المجرى

  المهــدي عثمان    

الرّاعي خان الصّوف الجاهز للغزْل. الرّاعي خان مزْمار الوقت.. أو وقْتا يَعبرُ حافيا نهْـــر الصَّبا. الرّاعي يَسْحبُ الصّحراء إلى عُمقِه، و يفتّشُ في الحُرقة عنْ مُلوحة الصبّار. ... أو صبّار الملوحة. هلْ يَفطنُ إلى عُمْقه؟؟ تذكّرْ... تذكّرْ... تذكّرْ... للصحراء ملوحتها، وعمْق البَلَح المُسافر إلى طُرق "الهند" أو "الحبشة". "للهند" رُعاتها من نار أو بقر أو "بوذا" ولنا ما لنا من وجَع الرّحيل أو وجَع العنكبوت. ... نموت ولا نموتْ... لنا ما لنا من وجع التّوت... وجع العنبْ... أو وجع السّكوتْ. سجّلْ أنّ العنْكبوت بيوتنا الأولى... حارسنا الأمينْ. سجّلْ أنّ الحمامة حُلْمنا التائه في الفيافي. يـــــــــــاه... كمْ شردته خِيامنا؟ ... كمْ شرّدتْه رماحنا؟ ... كمْ شرّدتْه نِبال رُماتنا أخطئوا التّصْويبَ؟ سجّلْ أنا الحمامة المجْروحة من خواتمها سَرقوا الطّيران، وسَجَنَ التّنْزيل الزّقْزقة على باب الغـــــار. [أضاعت جُيوبنا الزّيتون والتّين] طار الحمام...... حطّ الحمام.... شرّدنا الرّحيل... شرّدنا البقاء... شرّدنا صمْتُ العنْكبوت... شرّدنا الكلام. * * * قُلْ لن يصيبنا إلاّ ما أنْزل الفينيق من لهَب. وما بَصقتْ صحْراؤنا من غضب. وما غضب الغاضبون. وما شربوا منْ عنبْ. [تعبٌ... تعبٌ... تعبْ...] شتّتْ جهودكَ وابتسمْ. لا خيْر في ضَحك النّخيل على النّخيل. لا خيْر في ضَحك الصّهيل على الصّهيل. لا خيْر في ركْض الحوافر والخببْ. .................................... .................................... إذا سَقط النّخيلُ على النّخيل. إذا ذُبِحَ الهديلُ على الهديل. إذا بَصق البديلُ على البديلِ، نرى أعْشابَ الجسدِ الأوّل. إذا................................ فقطْ... سنُغيّرُ أسْماءنا ونُعيد رسْم أقْدامنا الأولى. فقطْ... سنَمْنَحُ للنّملِ حقّ الكلام وحقّ حَصْد القمْح، دون تأْشيرة منْ مناجلنا. فقطْ... سنفُكُّ عِقال سراويل الدّهْشة. ... لنَرى أعْشاب الجسد الأوّل. * * * اللّغة... عشْبتنا الخضراء إلى الأبد. نُجهّزُها بحروف منْ أواني غيْر قابلة للكسْر، مع أنّها منْ طيــن. اللّغة... أطْياننا المرْويّة بعَرق العصافير الأصْفر. ... أطْياننا النائمة بعُمْق في ذاكرتنا الورْديّة. مع أنّ ذاكرتنا ليستْ ورْديّة جدّا. أوْ ليْستْ ورْديّة! أوْ ليْستْ ودية س قَـ طَـ.... السّؤالُ على السّؤالِ... فَـ سَـ قَـ طَـتْـ... نجْمَتُكَ أين أردْتَ. .................................. فتّشْ نجْمَتَك الأخيرة. فتّشْ عن "الشيّاح" * أوْ فتّشْ عن السُّـ قُـ ـو طِـ... - هلْ وَرَدْتَ النّهْر، فشربْتَ الطّين؟ أمْ جاءكَ الطّين إلى خارج النّهْر، فاستَقبلته في مقْهى دمشْقيّ؟ وأمّا أنا لا نجْمة لي أبْحثُ عنْ بريقها. ما عاد لأصابعي مِهْنة البحْثِ عن الأظافر. - أمّا أنا لا نجْمة أقـلّمُ أظافرها. فقطْ كانتْ لنا خيْمة نَصبْناها على غيْمة فاسْتحالتْ مطرْ. ما عاد لنا شَمال ولا جِهات... ولا بوْصلهْ. ما بَقيَ يُؤَسسه الرّحيلُ... وتزفّ لنا الجهاتُ الجِهاتَ المستعارةْ. نتَحسّسُ خيْطَ المسالكِ الجبليّة... .................................... عنْدما قلْتُ: - سجّلْ أنّنا عُدْنا. ضَحِك السّؤالُ وقال: - في الحُلْم فقطْ. * أب العصْفور منْ صُلْب ابْنه المتّهم بالتّقْوى. * أب العصْفور من صُلْب ابْنه المطارد منْ مؤامرة الصبّار، يَضْحكُ من نسْله. طَلَع النّهار من النّهارِ... انْفَردَ الرّيشُ بالطّيَران، واندحرَ اللّحْمُ إلى الطّمْيِ. * خَمّنَ الطّينُ أنّ العصافير جميعها آيلة للـ سُّـ قُـو طِـ ... غيْر أنّ أب العصفور كذَّبَ الطّين وأقْسمَ بالتّحْليقِ. * * * كانتْ ورْدةٌ تغْسلُ الأواني الصّباحيّة، قرْبَ المجْرى المُمــــدّدِ إلى عُمْقه. ترْمُقُ الورْدة انْسِياب قارب ورَقيّ لا يحْملُ عاشِقيْنِ، يبْحثُ عنْ مرْسى. أرْسلتِ الورْدةُ أصابعها الخضْراء، لتنْتشِلَ القاربَ... فـــ.... يَمرُّ الحُلْمُ مع الانسيابِ. * * * تَفطّنَ أب العصفور للأواني الصّباحيّة، دونَ غسْل... فَسَحَبَ الورْدة إلى شُرْفة مُسيّجة بستائرَ منْ حرير فرنْسيّ. أب العصفور لمْ يكنْ طيّبا كعادة القمر المُخاتلِ. لمْ يكنْ حليما كحَلَمَة آخر اللّيل. لمْ يكنْ سهْلا كأصابع ميّت تتَحسّسُ عشْبة. أب العصفور منْ صُلْب ابْنه المتّهم بالتّقوى... يضْحَكُ منْ نسْله، ولا يُعين الأشْياء على الضّحكِ. ................................................. ................................................. غـ ـر ـق ... القاربُ الورقيّ... وانتحر الحُلْمُ على مشارفِ ضحْكة موغلة في العراء. ــــــــــــــــــ الشيّاح: حيّ في مدينة بيروت تعرّض للخراب في الحرْب الأهْليّة اللّبنانيّة.



  Madiov@voila.fr
  المهــدي عثمان (تونس) (2008-11-14)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

ذاكرة السؤال... وردة المجرى-المهــدي عثمان (تونس)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia