أسئلة الحب-علي بختاوي - البرازيل
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

أسئلة الحب

  علي بختاوي    

بين أن   يترك  حياته غير مستقرة  هنا وبين أن  يعتنق جنونه وتطرفه  ويستقر  مع  إمرأة  غمرته بحبها وهرقت دموعها على قدميه هناك وراء البحر  إحتار . تشابكت حساباته  . لم يعرف رأسه من رجليه  . شعر أن العمر يتقدم . يدنو من منطقة يائسة .  يكرهها . لا  يحتملها بتاتا . لماذا أطلق لمشاعره العنان . ؟. لماذا ركن في الدائرة التي فكر يوما أن يهجرها ولو منهزما . ؟. هل فكرت هي بالخروج  من تلك الدائرة التي هندسها الحب .؟ . ملامحها حين يتمعن في تفاصيلها وتقاسيمها  تقول  أنه يجب أن يتشجع واحد منا . يتحدى . يستيقظ من غفوة العشق هذه التي ألمت بقلبينا . صار الامر ساخنا . جادا . لا وقت للف والدوران . أراد أن يفرغ لها يوما كل شيء لكنه تباطأ . شيء ما كبحه .  صده . ألزمه الصمت . قبل أن يدخل عالم النت وعته عصر السرعة والتكنولوجيات  الحديثة حلم أن يجرب ممارسة حياته وأحلامه  هناك وراء البحر . لكن أبدا وأبدا لم يخطر بباله خيال إمرأة من أرض مجهولة التضاريس ومهبولة كالمرحلة التي يمر بها الآن . قال في سره " أقفز تعيش " . ثم  أردف " إذا بقيت هنا في بلاد ميكي ستنسى مثل نبتة  في  صحراء مستوحشة بعيدة . " . هل كانت إكتشفت عماينطوي عليه قلبي وإحساسي كرجل يؤثر تحقيق ولو جزء يسير من رغبته في الحياة حتى ولو تطلب ذلك جرها الى عالمه المكتظ بالتعاسة  والألم والسواد . ؟.  خمس سنوات . بكاء . شوق . إنتظار . شوك وشكوك . ياربي  . لماذا في هذا السن  بالذات .؟ . اللعنة على النت .
-    أليسندرا .
-    نعم علي .
         -      ..............؟؟؟
         -   رغبتك .
مالذي لوى لساني . أحجمه . عقده . أدخلني في مهب السؤال الجارح  . دائما أتهاوى قبالى ترددي . دوراني . سكوني . هل تجترح نفس العواطف معي .؟ . ربما . فلقد ضبطتها في العديد من المرات متضايقة . يكتنفها إحتمال مبهم . تجرها عربة الليل  في طريق حالك . هي سبقتني في إختصار المسافة وتوضيح بعض الرؤى ورفع الستار عن مسرحية الحياة التي كانت تعيشها مع زوجها "ويلتون" . لماذا تأخرت في طرح مايتعلق بي من وجودي كزوج في الحياة . أعمل لأنفق أولادي الثلاثة  مع أمهم . ؟. حتى لو أخبرتها حتما ستغضب ويركبها عفريت شرس  . ساعتها " ماني بالقصعة ماني بلحيسها " . هي تحلف  بالله الذي تعبده  بطريقتها الإستثنائية  أنها سعيدة معي  وانها لم تمر بتجربة حلوة مثلما هي عليه الآن . أنا كذلك .  نفس الكلمات أصبها في مسمعها طوال ليالي المطر والحرارة وغبار قريتنا الخانق . هل سيشفع لي حبي لها .؟. كأن أبسط أمامها مجموعة من الدلائل والذرائع  . لأسمه هروبا الى الأمام أو ضبطي خائنا مع سبق الإصرار والترصد . ربما ترضى . تقتنع . هي العمياء بسبب حبي فكيف لاتتعامى . نعم  . وماذا لو إكتشفت حقيقتي . ؟.هل تغفر .؟.التاريخ يدحض .  يكذّب . لا يجامل . السياسيون  و الفنانون كلهم غارقون  في الخيانة و الرعونة  والطيش ونداء الجنس .  والنتيجة واحدة الخروج من الباب الضيق  وسط لعنة الفن والسياسة والحب .. ياربي .؟ . مالذي ذهب بي  الى هذا التشبيه . الفارق . الإحتكام .؟. أعرف مسبقا مدى شغفها . جنونها المتطرف . إنغماسها غير المشروط في  دائرتي التي هندستها أو رسمها الحب لنا نحن الإثنين  . يكفي . يكفي .. هي تحبك وانتهى الأمر . ألا ترى أنها قدمت روحها وحين شعرت بضآلة ذلك  درجت الى  إغراقك بصنوف المغريات الأخرى من المال والإقامة في أفخم الفنادق والتمدد على أجمل شواطيء الدنيا . أنت القروي  الذي  إستعجب وإستغرب  وضرب  كفا بكف فقط لأنك لم تعش سحابة شبابك في دنيا مثل التي بسطتها لك . لماذ ا كل ذلك ؟ . ألا يوجد في بلادهم  رجالا . ذوي بنية قوية كالتي تدعي  أنت  .؟ . تتذكر جيدا يوم وصولك . الى أرض الهنود الحمر  والأحراش  والأدغال والغابات  الغامضة  . في رمشة  عين وجدت نفسك تسبح  في جزيرة ماؤه مختلف وبين أشجار فواكهها مفقودة في جميع بقاع العالم . ؟ تتنزه وتسبح وتأكل وترتاح على ملاسة الرمال الذهبية . هل كانت بتوفير شروط الراحة والطمأنينة تريد كسب الإنسان فيك أم الذكر ..؟. أم كانت تفتقر الى أبسط مشاعر  الحنان التي  تمنتها ولم  تلتمسها في أي كان من بني جنسها . حد هذه اللحظات أنت لا تريد الإفصاح . إظهار ولو نزر قليل من الحقيقة التي تنام عليها . كم مرة استجمعت  قواك . راودك الفضول . إعتملتك فكرة الذها بعيدا معها . الى أقصى درجات الحب  والحلول والإتحاد . ثم تطيير الشظايا . إمساك أفعى اللحظة  اللاسعة من رأسها . وضع النقاط على الكلمات  الهلامية . المنطمسة . المختفية بأمر الحب . هل صاحبها هذا التخمين . ؟. إلحاحها في المجيء الى هنا  . الى منبتي . يكرس ماأقول  . إذن  أين السلاح . ؟ . الدموع وحدها لا تكفي . ستحتقرني . أسقط  دفعة واحدة من نظرها .  أغدو مجرد كلب لهث يوما وراء ها . قضى وطره  ثم انسحب  مع عدم ترك أية بصمة في مكان الجريمة . فكرت . أعطيت جهدا معتبرا لما أمر به . وبالمقابل  كانت زوجتي بالبيت . تشيد أحلاما متناقضة . متباينة  . " لو وجدت عملا هناك أول شيء تفعله هو ترميم  السكن . " .. " المهم تتيسر الأمور " أجبتها دون أن أظهر ماتنطوي عليه القصة  . كنت  أرى في هذه الأخيرة  أحلامي المتخبطة في دمها وأحاول مرة تلو الأخرى ترقيع  مايمكن  ترقيعه فهي لا تعلم اللغة  التي أتحدث بها  مع أليسندرا . تعرف فقط كيفيةالحصول على عمل يخرجنا من حالة الفقر التي وجدنا أنفسنا نتخبط أمامها . بين يقظتي  وغفوتي أسئلة رهيبة وخطيرة تمر بي . لا أكاد انتهي من سؤال حتى ينقض علي آخر . بعض الإصدقاء إندهشوا . كيف استطعت الإلمام بلغة غريبة مثل البرتغالية في ظرف ثلاثة أشهر  .  طبعا أيامها كنت قمت برقية  شرعية وزيارة ضريح سيدي رابح  حتى أبعد العين والحسد .  نوع من اليقين بالنفس . إستعداد لما يأتي . والتهرب  من زاوية الى أخرى بعيدا عن أهل سين و جيم  . عندما يكبس الظلام على القرية   أضغط  على    زر   الحاسوب   وأبدأ  . في البداية أقوم ببعض التمرينات على  اللغة البرتغالية حتى لا أتعثر  أمام جمالها الصارخ كأن أقول لها . "  أيتها الهاربة  منها إليها سيأتي زمان وتتغمدك السعادة . ستنزعين  اوجاعك وتسبحين في بحري  الرحيب . أعلم أنك مجروحة من قبل وطن  الذي هو وطنك . وماسنه من قوانين يسرق بها سعادة المرأة وفرحها الذي ظلت تنشده زمنا . المصيبة أن السياسيين لا يفكرون في العشق والعشاق حين يضيفون أو يمحون  بعض المراسيم  والقوانين  . لا يهمهم  الطريقة التي يتعامل  بها الرجل مع زوجته  . فالوقت  خلق  للإقتصاد والحساب وعدد السنين  . أنا كذلك هنا . في قريتي . حيث  الغبار وبرد الليالي الطويلة حذاء موقد الفحم  أنتظر ميلاد نبي يغير تلك النواميس التي وضعها  أهل الليل  خفية عن عيون  السذجة من أمثالي  . هل التقينا صدفة  .؟ . أم أن   الذي يحدث  في بلدي وبلدك كان سببا في لقائنا .  للآن مازلت  أتساءل  .؟  غير  أنه يتلبسني  بعض الحزن  حين أرى الشمس التي  تشرق هناك هي نفسها مشرقة هنا . وأسأل لماذا نحن مازلنا في قائمة العالم الثالث ؟  أتجرع  هزائمي ببطء  . طبعا أنت كذلك كنت  تشعرين بذلك لكن على مستوى العلاقات الإجتماعية غير أنك خائفة  من شيء   تترصدينه أثناء حديثي معك عبر الأثير من خلال النت  . تلك مسألة نتركها للزمن . فالزمن له كذلك  دور في مصائرنا  وإلا ماكان موجودا البتة . "  .  مضمضت فمي  . طرحت على الأرض لعابا حامضا كالذي أشعر به  وأنا متمدد أمام نشرة الثامنة  وماتبعثه  على الملل والقرف  . سويت من جلستي  .  "  لابد أن تراني في أجمل هيئة . منذ أسبوع رميت الزوجة والأولاد الى صهري . .الليلة حاكمة معاها . سنغدو عصفورين هاربين من جنتهما المفقودة . أعرف مسبقا أنها ستبكي  . شوقها والتياعها وحالة هيجانها  الجنسي كل ذلك يدفعها  الى النشيج  . وسأواسي  مصابها الجلل . سأنساني  . فقط أتركها تراني كملاك سماوي . يعرف سر الحب و يمنح للعلاقة دفئها و سحرها .. هل أخبرها  أني مرتبط منذ سبع سنوات  وفي عنقي ثلاثة أولاد كلهم  ذكور . هنا تبدل حالي . هاجمتني  أفكار شتى . عبرت  النهر والبحر والمحيط وحين بقيت الجزيرة وجدتني أنشد النجدة والخلاص . في زيارتها الأخيرة الى قرية الغبار والبرد والهواء الحامض ونشرةالثامنة  المنافقة  راقبت كل شيء . أومأت بنظرها الى قلبها لكنها لم تبح . لم تتساءل . لم تتشظ أو تنفجر . لملمت هواجسها في  صدرها وعاملتني كأن لا شي جذب بصرها  . أنا كذلك لم أعطها الفرصة حتى تسأل . فالفراش أخذ معظم وقتنا بل كلما رأيتها تستوفز لإطلاق صاروخ من  سؤالاتها إلا أيقظت رفيقى كما جاء في رواية أنا وهو لأبرتو مورافيا . ربما كنا نداري  حاجتنا الملحة الى شيء أهم مما تصورته سلفا وتعذبت بسببه أياما وليالي . عادت الى بلدها دونما شك أو أنها فكرت في اللحظة التي سوف تنقض علي فيها . فالضيف لايمكن له أن يكون ثقيلا بأسألته . فطرة في الإنسان . طبيعة . خلقة . . بدأت حديثي بمدحي لها . حتى وإن كانت غير  محتاجة لمدحي و إطرائي . فقبلي  كانت قد جربت  الحب  والمدح والقدح  . إذن " وين يبان خيطي في البردعة "  . وسألتني تلك الملابس التي في الخزانة  لمن هي ؟. تجمد الدم في العروق . تبعثرت الصور والأفكار . سافرت ورجعت في لحظات . ياربي . وصارحتها . دفعت  خزانة  الأسرار الزجاجية على الأرض  . خرجت الزوجة والأولاد والسبع سنين  . إحمرّت عيناها وإسوّدت الحياة قدامي  . قلت قتلتها  .  القلب الذي كان طلب المنفى طردته  . كيف لرجل يحلم  بوطن على الإقل مثل وطنها على مستوى الإقتصاد  ينكأ جرحها ويبهدلها . كانت دموعي تسيل . ومشاعري ركبتها موجة نار لاهبة . حين قرأت  في الإطار  المسموح الكتابة فيه بالمسنجر  . أنا لا ألومك  إنما ألوم الفقر .غير أني  هنا حاربت الفقر وقتلته فلماذا لا تجرب قتله في وطنك  .  هذا لا يعني اني سوف أقطع العلاقة التي تربطنا ولكن  دعني  وحيدة هذه الليلة . على الأقل هذه الليلة  . تشاو  ...؟



 
  علي بختاوي - البرازيل (2011-08-24)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

أسئلة الحب-علي بختاوي - البرازيل

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia