هذا الصباح-نادية بنمسعود-المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

هذا الصباح

    هذا الصباح انتعل حذائه البلاستيكي وخرج يفرك يديه الصغيرتين عل بعض الدفء يدب فيهما، خطى خطواته المعتادة مارا من وسط المزبلة التي تفصل بيته عن مكان عمله، أحس ببعض العطش فكر أن يرجع للبيت ليروي عطشه، فإذا به يتذكر أنه لاوجود للماء بالبيت فاكتفى بالشرب من سقاية الحي، أكمل المسير وفي طريقه كعبلة قدماه جثة صديقه الذي افترش الأرض وتغطى بالسماء بعدما أخذ جرعة غير هينة من الكحول، واستمرت الخطى، وجاء الصوت من بعيد، صوت أجراس المدارس معلنة عن بداية يوم دراسي جديد، رفع رأسه إلى أعلى السماء، نزلت من العين دمعة،  وأكمل الخطى.
     وأثناء المسير وقف أمام حشد غفير من الناس، يهنئون بعضهم بعضا ... فتذكر صديقه الملقى على الطريق وبيته الكائن أمام المزبلة وعطشه الذي روته سقاية الحي وتذكر صوت جرس المدرسة وتذكر أنه ذاهب لبيع الأكياس البلاستيكية في سوق المدينة.
 -ابتسم وقال خيرا ...
ومرت خمس سنين ...
     قام من فراشه، انتعل حذائه البلاستيكي، وكالعادة، مزبلة وسقاية وجثة طفل وصوت جرس المدرسة، وأكياس بلاستيكية بين الايدي للبيع، وأناس يهنئون بعضهم البعض ... تذكر مرة أخرى المزبلة التي لازالت أمام بيته، وسقاية حيه وصديقه الملقى على الأرض، والأكياس البلاستيكية التي بين يديه، نظر إلى أعلى السماء، لكن هذه المرة لم تنزل الدمعة، فقد تحجر الدمع في المقلتين ....
    وصار الدمع لغة لايعرفها إلا العاشقين لتحقيق إنسانية الإنسان .... فجأة إذا به يسرع الخطى، تذكر أن عليه أن يسرع إلى السوق لبيع الأكياس البلاستيكية حتى يتسنى له الالتحاق برفاقه نحو تحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ..



 
  نادية بنمسعود-المغرب (2012-01-02)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

هذا الصباح-نادية بنمسعود-المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia