و كان ذاك …
في ذاك العمر ... كان،
حين قَدِمَت الشّاعرية،
فجأة للبحث عنّي.
حين انبعثَتْ لَست أدري،
من أي مكان للبحث عني،
أَمِنَ الشّتاء أم من النهر؟
***
لستُ أَدري كَيف و لا متى،
لا لم تَكُن أصواتا،
و لا كَلمات،
و لا سُكونْ.
حين مِن إِحدى الشّوارِع نادتني،
حين من أَغْصان اللّيل،
فَجْأَة مِن بَين الآخرين،
و من بين نيران عَنيفَة،
بل في عَودة الوَحدة،
كانت هُنا بِلا وَجه،
و لَمَسَتْني.
***
و لَمْ أَعُد أدري ماذا أقول،
و فَمي هو الآخر،
كان عاجِزا عَن التَّسمِيَة،
و كانت عُيوني عَمياء.
و شيءُُ ما كان،
يَقْتَرع في روحي،
أهي الحُمّى،
أم أَجْنِحَة ضائِعة؟
وحيدا و شَيئا فشَيئا،
أَعدتُ تشكيلة نَفسي،
مُفَكِّكًا رموز هذه الحُرقة،
فكانت أوّل سَطر،
مُضْطَرِب كَتَبته،
مُضْطَرب بِلا جَسد.
حَماقات خالِصَة،
مَعْرِفة خالصِة،
لهذا الذي لا يَعرف شيئاً.
و للحظة رأيتُ السماء،
مُشَتّتة و مُتَفَتّحة،
رأيتُ الكَواكِب،
و مزارِعَ مُتَموجة،
رأيتُ الظلال المثقوبة،
و المُخَرّقة بالأسهم و النار و الورود،
و الليل الذي يسوق و يَسْحَق الكون.
***
و أنا هذا المَخْلوق التافه،
مملوء بنشوة هذا الفراغ الكبير،
الذي تَسبح في خباياه المَجَرّات،
على غرار صُوَر العَجب،
شعرتُ و كأني جُزئ خالِص،
مِنَ الأعماق السّحيقة،
أسيرُ مع النُّجوم،
حين فجأة مع الرّيح،
تَحَرّر من قُيودِهِ قَلبي.