المقامة الأسدية-عبد الرحيم صادقي-المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

المقامة الأسدية

  عبد الرحيم صادقي    

حكى يحيى بن جعفر قال: ابتلاني الله ذات يوم، بشرِّ قوم، هجروا الحق، ورضوا الرِّق، قد احترفوا المدح، لأهل القدح، وآثروا النفاق، وسوء الأخلاق، على إفك وشقاق، وجَنَف وخصام، كما يفعل اللئام. فخرجتُ أطلب الحق، فيما جلَّ ودَقّ، وقلتُ أقصدُ ذا الأصل والشَّرْخ، واقْدَحْ بِدِفْلى في مَرْخ! حتى لقيتُ الهُمام، قد لزم المقام، فقلتُ أشامِمُ ما عنده، ولو قطعتُ وِرْدَه. قلت يا حنظلة الأحنف: ما تقول في "الأسد"؟ إن ما بينا فسد، لسماعِنا قولَ البَجْد، بالروح والجسد، نفديك يا أسد! قال: لَقْوَةٌ صادفتْ قبيسا. قلت: فكيف ترى الرجل؟ قال: طبيبُ عيون به سَبَل، أَحْوَل من بَوْلِ الجَمَل، تكسرت سيوفُه والأسل، على أهل حمص بطل، وفي الجولان حَمَل. مُلْكُ الكَرِيه الهَيْصَر، مغصوبُ يومٍ أغبَر. خِبٌّ عفريت، جُربزٌ نفريت. "بشار" ولا بِشر، عدا شرٍّ وشرَر، أدابَّةٌ أم بَشر؟ زعيم البعث، وشيعةٍ وشَعْث. زوَّر الدستور، وقال أمري مستور. يَسندُه الفُرس، دَرَقٌ وتُرس. و"حزب الله" يمدُّه، لحرب يُعدُّه. يحضن المقاومة، لمأرب ومساومة. يقتل ويعفو، جلَّ من لا يهفو! رجل هَفاة، يحاصر حماة. أشأمُ من قاشر، أطيش من طامر.
قلت: لكن الأنْوَك قال: لستُ ملكا، أنا رئيس! قال: عادت إلى عِتْرها لَميس! يا فَيْءَ، يا فَيْء! يقول: أنا الممانع، لكن مُوادع، عن أمنِكُم أدافع، وأحرسُ الجار، من قصاص وثار. قد سوَّلتْ لي نفسي، في يومي وأمسي، أن الغلبة بالقهر، حيرَيَّ الدهر. وحوله "الشبيحة"، وكل نطيحة، وما عاف السبع، واشتهت الضبع، نَتَنَ وِجارُه، وفي مأمَنٍ جارُه، لا حرب ولا حُرَيْب، ولا قُوَيس ولا فُرَيْس. الدنيا همُّه، والعرش سَدَمُه. يقول الأعْفَك: أنا الأسد، لا حسد، سأحمي العرين، وأجعلُكم عِضِين. دُونكم الإصلاح! قد جاءكم الفلاح. إصلاحُ السَّلْغَم، كسَيْرِ الغَيْلَم. كثيرُ الهَواهي، صاحب الدواهي، يعشق الخُطب، وتَسلُّقَ الرُّتب، والناس في شدة، كزمن الرِّدة، والأنْوَك باسِم، رافلٌ ناعم. صَفَق وقبَح، خَتَل وكلَح.
كليلُ الظُّفْرِ عن العِدى، يَسقي الأهلَ الرَّدى. قيل: ما بَلْهُك يا رئيس؟ عثرَ حظُّك أم جَدُّك تعيس؟ قال: أليست هذه الجولان؟! أم تُراها حوران؟! دلُّوني يا ناس! ما عليكم باس. ما عدتُ أذكر، أأشكرُ أم أكفر؟ نُصَيْري أنا أم مسلم؟ يا "بُثينة" يا "معلِّم"! أفيدوني! أريحوني! مَن أطلق الرصاص؟ لا بد من القصاص. ويلكِ يا "جزيرة"! ما لنا جَريرة. حسابُك عسير، حبْلُك قصير. تبّاً لك يا إعلام، اكسروا الأقلام! ادخُلْ يا رقيب! سَلْني أنا الطبيب! الداء معروف، والأمر مكشوف. هذه مؤامرة، احذروا المغامرة! ليس ثَمَّ ثُوار، ذاك خُوار، تعالوا للحوار! أطلقوا النار! أينكم يا "شبيحة"؟ أريحوا الذبيحة! أنا الأسد، يا "حَمَد"! نحن العروبة، قلبُها النابض، طِحالها الحامض. فمَن أنتم؟ وما بُغيتكم؟ يا أربابَ النَّفط! يا جمْعَ العَفْط! عليكم بالصدق! لا تكتموا الحق! قال الرقيب: قد مات ألف. قال: خطأ أو حَيْف. قالوا: فما بال القصف، قد جاوز الوصف؟ قال: تلكم رحلةُ صَيد، كُفُّوا عن الكَيد! كنت أطارد الحَجَل، على عَجَل. قالوا: فلِمَ ركض الحمار؟ أدُخانٌ من غير نار؟
قال حنظلة الأحنف: فذاك الأسد، حامي البلد! وتلك الشام، في مأدبة اللئام.
قال يحيى بن جعفر قلتُ: لا فُضَّ فوك! قد أصبتَ  كبد الحقيقة. فذاك الأسد، روحُه والجسد!



 
  عبد الرحيم صادقي-المغرب (2012-01-26)
Partager

تعليقات:
عبد الرحيم صادقي /sadki.ab@gmail.com 2012-01-28
شكرا لمرورك واهتمامك أخي معمرتحياتي
البريد الإلكتروني :

معمر ببختاوي /المغرب 2012-01-27
مقامة تستحق القراءة والتدبير.أحسنت الوصف والتعبير، كلها مواجع وبواطنها فواجع،صافية المعاني واضحة المباني سهلة الأسلوب واضحة الدروب موجعة التعابير وقاطعة التدابير..
البريد الإلكتروني : m.bakhta@live.fr

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

المقامة الأسدية-عبد الرحيم صادقي-المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia