حسناء في الحافلة ابتسمت لي وناولتني قصاصة ورق ونزَلت-معاذ خطيب-فلسطين
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

حسناء في الحافلة ابتسمت لي وناولتني قصاصة ورق ونزَلت

  معاذ خطيب    

استيقظت ذاك الإثنين وتوضأت وصليت ركعتين سنة الضحى. تشردقت بكوب الشاي الذي سكبته في فمي على عجل، ولبست قميصا جديدا وفوقه كنزة (بلوزة) جديدة من النوع الذي يأتي بلا أكمام. وضعت حقيبتي على كتفي وتوجهت الى محطة الباص الذي يشحن الطلاب إلى الجامعة.
جاءت الحافلة زرقاء اللون. وحين صعدتها وجدتها خالية إلا من فتاة جلست في المؤخرة. جلست أنا في منتصف الحافلة، وكنت سعيدا، فالطقس جميل، وكان أخيرا من فصل واحد على عكس معظم الأيام، التي تتمتع فيها بالفصول الأربعة في نفس اليوم. كما أني لبست ملابس جديدة، تشعرك كأنك إنسان جديد.. من الخارج طبعا.
وصلنا للمحطة الاولى في الجامعة، ولم انزل فيها لأني اردت النزول في المحطة التالية. لكن خلال توقف الحافلة في المحطة لإنزال وإصعاد الطلاب، فوجئت بالفتاة التي كانت جالسة في مؤخرة الباص وقد جاءت متبسّمة وناولتني قصاصة ورق صغيرة، تم طيّها بعناية، ونزلت من الحافلة.
لم يحدث معي امر كهذا من قبل. سمعت كثيرا عن ظاهرة قيام قصاصات ورقية بإلقاء نفسها من ايدي الفتيات عنوة وفيها رقم هاتف الفتاة، ليتلقـفها (بالصدفة) أحد الشباب المغاوير في الشارع او المجمع التجاري او محطة الباص  (والعكس طبعا، كي لا أظلم ابناء جلدتي الذين لا يبخلون، أقصد لا تبخل أيديهم بإلقاء ارقام هواتفهم للفتيات اللائي تـًجيد احداهن التقاط قصاصات الورق الطائرة في الشارع او محطة الباص كما يلتقط إيكاركاسياس كرة سددها إليه أسوأ لاعب في العالم، كريستيانو رنالدو مثلا.
ولم أتوقع ان هذا قد يحدث معي مرة. أنا أنيق في العادة ونادرا ما تجدني مبهدل المنظر، لكن لم يحدث من قبل أن ناولتني أي فتاة رقم هاتفها.  لا شك أن ملابسي الجديدة جعلتني أبدو أكثر جاذبية، كما يمكن ان تكون الفتاة قد تشجعت أكثر على مناولتي رقم هاتفها حين لاحظت أن أحدا لن يراها تفعل تلك الفعلة التي ينكرها اصحاب المروءة والشهامة، فلم يكن في الحافلة إلا أنا وهي، والسائق الغارق في مقعده، وما كان ليهشّ ولا يكشّ أصلا.. وما دخله في قصص الحب والغرام وهمه الوحيد ان يعود بعد يوم عمل شاق إلى ابنائه ويأخذ قسطا من الراحة ؟
نظرت من النافذة ورأيت الفتاة وهي تنظر إلى وتبتسم… لم ابادلها الابتسامة بل قمت بتسديد جحرة بقوة 7 أمبير  إليها، فقد اردت ان أبدو رصينا وثقيلا وصاحب كبرياء، لا يسيل لعابي لمجرد أن إحداهن ناولتني رقم هاتفها، ومع أني طبعا لست من نوع الشباب الذي ما مصدق على الله ويحصل رقم فتاة عشان يدردش معها حول القضايا المعاصِرة، لكني في الحقيقة كنت أتلهف لرؤية ما في الورقة.
فتحتها بكل ثقة واعتزاز بالنفس، وأنا أفكر بجاذبيتي الشديدة التي جعلت تلك الفتاة تدوس كبرياءها وتناولني رقمها، وهو فعل لا تفعله الفتيات عادة إلا حين تظن أنه شاب “محرز” وبأمل أن يبادلها هو أيضا الدوس على كبريائه ويتصرف كطفل حين يرى لعبة جديدة.
.
.
وكان فيها ما يلي:
 The price tag is still on your jersey, Remove it :)



 
  معاذ خطيب-فلسطين (2012-02-03)
Partager

تعليقات:
أسيل /الجزائر 2012-02-06
شكرا على خفة القصة و على الابتسامة التي منحتني إياها لكن مادمت تملك موهبة الكتابة فأنا أشجعك لكن بإمكانك منح كتاباتك تعبيرا اكثر رقي و مستوى أعلى صراحة قصة جميلة الممضمون لكن تعبيرها يحتاج اختيار كلمات بأكثر عنايةشكرا على المجهود و مزيدا من التقدم
البريد الإلكتروني : top.assil@yahoo.fr

ع ابروح /تطوان 2012-02-03
فعلا قصة رائعة وربما تكون مزحة جميلة من فتاة جد مهذبة لكن المثير هو قدرة الكاتب على التخيل و التصوير الساخر وهو ما يؤكد موهبته الالاهية ثم اضيف بشكل عام و ازعم ان الابداع يتخذ بعدا اخلاقياما لكن بدون مباشرة ووعظ وبالتالي جمالية النص ترقى على المضمون وتسبقه
البريد الإلكتروني : ABOROH @ hotmail .com

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

حسناء في الحافلة ابتسمت لي وناولتني قصاصة ورق ونزَلت-معاذ خطيب-فلسطين

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia