طعم القهوة الحلو...-كلثوم زنينة-الجزائر
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

طعم القهوة الحلو...

  كلثوم زنينة    

كنا قد التقينا صدفة على شباك الذاكرة العتيقة، نظراته التي كان يصوبها نحوي بين الفينة والفينة، كانت تفضح تجاهله، كانت تعيد شريط أيامنا الجميلة على شرفات الأحلام، لتروي جراحات حب حاول الزمن تخفيف آلامه.
لا أعرف كيف جرتني خطاي اليوم إلى هذا المكان، هل هي بقايا الشوق التي حاولت دفنها في أقاصي القلب؟ لست أدري... ليس من عادتي شرب القهوة بعيدا عن دفتر يومياتي، أتجرعها كل مساء وأنا أدون جراحي، وأحلامي، مرارة قهوتي كانت تخفف بعضا من أحزاني. لكني اليوم.... سوف أشربها بين صفحات ذكرياتي، لذلك سأجعل قهوتي حلوة على غير العادة.... أتراه العطر التائه بيننا مازال يبحث عنا؟ مازال يحلم يوما أن يجمعنا، هو ذاك الذي ساقنا اليوم هنا؟؟ شربت قهوتي على عجل، حتى لا تغريني حلاوتها بأمل جديد، بميلاد جديد يحطم ما بقي من كبريائي، وأنا التي حاولت كتم دقات قلبي وهي ترفرف نحوك في لهف، حاولت لملمة أشواقي المبعثرة حولك تريد أن تغمرك وتبكي على كتفيك كطفل مدلل... أردت مبادلتك التجاهل ذاته الذي قابلت به لقاءنا العابر هذا. وخرجت مسرعة، دون أن أنسى تفحص كل ثيابك وقسمات وجهك، وحتى عطرك الذي ظل يلاحقني دائما... مازلت تحتفظ بالقميص؟؟... سعادة تشبه سعادة لقاءاتنا القديمة، غمرتني لأنك ترتدي القميص - آخر هدية كانت لك مني قبل أن تهديني رصاصة الرحمة لتشفيني من حب سكنني حد الجنون....-  دفنت إحساسي بداخلي مخافة أن يكون بداية أمل جديد يعيد إلي أحزان الفراق... غير أن سعادتي أغوتني بالعودة قليلا، وتفحص القميص ثانية. حاولت المقاومة لكن جنوني كان أقوى، وجرتني خطايا مرة أخرى نحوك، لم تكن الصدفة هذه المرة من جمعنا، بل كانت أشواقي هي التي وضعتني على دربك المدجج بالأشواك....
وقفت أمامك فجأة، ودون سابق إنذار، لم تنتبه حتى لوجودي، فقد كنت مستغرقا في عالم جريدتك المقدسة، وكأني بك تبحث بين صفحاتها عن حلم أضعته، عن حب تركته يوما في انتظارك ولم تعد. أعرف أنك تعشق أخبار الخراب، أخبار الحروب والدمار، لأنك سريع النسيان....لكن أن تنساني؟؟
-    عفوا.. هل نعرف بعضنا؟؟
-    .....   ......    ............
لم تكن دهشة تلك، لم تكن مفاجأة... كانت صاعقة نزلت بي، وجعلتني أتسمر في مكاني وأنسى طعم الكلام ولون الحروف...
-    عـ..فوا...عف...وا...
ورحت أنسحب من أمامك أحمل أثقالا من الذكريات التي التصقت بجلدي بعد أن اقتربت منك بغير مضاد حيوي، وكنت مشغولا بطلب قهوة ثانية تجدد معها بحثك بين صفحات جرائدك المكدسة على الطاولة....علكتكتشف خبرا لم يقرأه أحد غيرك، لأنه كتب فقط من أجلك أنت...



 
  كلثوم زنينة-الجزائر (2012-02-04)
Partager

تعليقات:
لطيفة /الجزائر 2012-02-09
إخلعي عنك دثار الماضي و استقبلي الغد المشرق فنحن لا نحتفظ بجرائد زمننا الماضيتجاوزيه كما تجاوزت الجرائد التي يقرؤها أخبار الأمسقصة جميلة التعابير مع أنها مزدحمة بالأساليب الأدبية المختلفة و ربما كان هذا لكونها قصة قصيرة.للكاتبة إحساس مرهف و موهبة خلاقة بدأت تزهر، بالحرث و الدرس و التدريب سوف تثمر فاكهة لذيذة راقية إنشاء الله.
البريد الإلكتروني : latifa2227@yahoo.fr

زنينة كلثوم /الجزائر 2012-02-09
مشكورين أعزائي على عبورك المميز بين صفحات الذكريات الجميلة، راجية أن يكون عملي قد أمتعكم فعلا.شكرا على كرم الكلمات الراقية التي ذيلتم بها نصي القصير.
البريد الإلكتروني : kelthoum.28@hotmail.fr

اسومة /الجزائر 2012-02-08
حزن طاغي لكن وددت لو طالت واستمتعنا اكثر
البريد الإلكتروني : top.assil@yahoo.fr

فاطمة بلحاج /المغرب 2012-02-07
كثيرا ما تنتهي قصص الحب الوهمية بتلك الطريقةوإن لم يتذكر - فليس أنه نسي - بل تناسىأسلوبك جميل..وقلم راقي..
البريد الإلكتروني : faaatima_1978@hotmail.fr

محمد عزيز /المغرب 2012-02-07
القصة عبارة عن دراما تنتهي بصدمة قوية للبطلة لم تكن تتوقعها،هذا الأسلوب جعل من القصة لحظة ممتعة لن تفارق من تذوقها لأنها عبرت عن جزء وإن اختلف شكله من شخص لأخر فإنه اتحد في مضمونه عند كل الأشخاص في حياتهم
البريد الإلكتروني : tangaziz@hotmail.com

اسيل /الجزائر 2012-02-06
فعلا قصة مشوقة منذ بدايتها و تجعل قارئها يستمر بقراءتها حتى النهاية التي كانت مفاجئة فعلا بهذا المعنى ما كان بينكما جعله يبرز ردة الفعل تلك أمر غريب كأنه كان حبا من طرف واحد؟ لا تامني الرجال مرة اخرى هههههبارك الله فيك قصة قمة في الروعة..
البريد الإلكتروني : top.assil@yahoo.fr

أسيل /الجزائر 2012-02-06
قلم مبدع رغم بعض اليأس الغالب على القصة لكن محتواها مميز و تعابيرها أكثر تميزمزيدا من التقدم في انتظار إبداعات أخرى
البريد الإلكتروني : top.assil@yahoo.fr

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

طعم القهوة الحلو...-كلثوم زنينة-الجزائر

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia