أبعد من الحواس...-ضحى عبدالرؤوف المل-لبنان
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
شعر

أبعد من الحواس...

  ضحى عبدالرؤوف المل    


حبيبي...
يُبدع القلم رسم كلمات يلفّها ضباب حبّ كضوء خافت، لتكون المعاني صمتها لهيب حرف ملوّن من أنواره نرى الفواصل أنجماً، وهي تجمعنا جمع سنابل تُمسك بقدّها المياس، كعمق لواعج قلب صامت يتأوّه بين أجفان ظلام دامس، أراك فيه زنابق بيضاء يُلامسها نسيم صُبح شاحب في عين غروب ينزف دمعاً، يخنق الأنفاس... كموج بحر يُلقي جفاه على رمل يزيد من جَواه ويمتلك بفنّ كل إحساس..
حبيبي... مُدَّ يد قدر مُسترخياً من انزواء!.. من انطواء!.. من ألم!.. من تعب!.. فأنت الحبيب، وأنت من امتلك الروح والحواس... ها نحن نستريح في فسحة من خيال، لنرسم علامات التعجب على ورق صامت، وقلم يصرخ حبره!.. أين أنت يا أغلى الناس؟... ورسائل نُزيّن بها مشاعر مكبوتة نرميها بنقاط متعددة على دروب القرّاء، فنحن أول القارئين وأول من يقرع أجراس المعاني وفي النفس أمل لا يعرف اليأس...
فكيف تكون اللغة تبعاً لقواعد النحو قاسية؟!.. ونحن من نزيّنها بعقود من ألماس، ونملأ الأحاسيس التي تخترق كل معنى بقدسية حياة نحياها، فلا نخاف لومة لائم ولا نظرة حاسد، ونرفع آيات حبّ ترفرف فوق كل رأس، فاخفض جناح لُغتك، واكتب ملحمة لا تنتهي في كل قلب عاشق يُقاسي...
ها أنا شريدة حواسي!.. شريدة كل حرف لا يشفي قلباً عاشقاً خدّره دهر يشتكي من شر وسواس خنّاس، فالعين تجفّف دمعها!.. والشفاه تفتش عن نداها!.. والنفس امتلأت حباً يرتقي إيماناً تمادى في كل كلمة رفعنا لواها!.. فكيف أنساك وأنت انطلاقة الروح التي تتخطى حدود الزمن والحواس؟.. كأنها إرادة إلهة أزلية، وأنّةُ أنثى كملاك، فمن نور السماء خُلقت النجوم، فإن كان هناك من عطاء نور إلهي يُلامسنا كي نُضيء به الليالي بكلمات حبّ تطير كأطيار فجر!.. كثمار شهوة!.. كسكرة نبيذ معتّق في عناقيد كروم تصحو في الأقداح!.. كعناق طبيعة بكر في كل صباح!.. كناسك يداعب أبواب صومعته قبل ان يغلق أبواب الأرجاس ويفتح كؤوس الحواس.
فهل هناك آلهة ترعى قلوب المحبّين وتُمسكها من زلل يقتل كل حبّ محروم من عشق طاهر تهواه كل أنثى يخلو قلبها من الأدناس!؟..
حبيبي.. كُن أبعد من الحواس، وانطلق مع روحك نحوي، واسكن قلباً كي تسمع موسيقاه، فأنت لحنه وتلحينه ونغمة من فيض معناك... فمتى يجمعنا الوجود؟!.. بعد ان غدوتُ تنهيدة في صدر مُتعب؟!.. ام أوراقاً منثورة.. تحملها حمائم السلام؟!.. ام نوراً في كل عين تقرأ!.. فتُدرك المعنى المخفي في أسطري خلف شوقي الملحاح الذي يراك كما الزهور البرية التي تعيد إلينا عطر الحياة، كما حنين شموس خيوطها نور يشع من عينيك، فالروح تتوق لجمعك والبصر أتعبته أضواء الانتظار فمن يؤمن يَرَ...
فكيف يا حبيبي لا تراني!؟..
استفاقت، فكتبت لك من أحرفي ما هو أبعد من همس!.. من تفعيلة!.. من ترتيلة في دعاء مستجاب...
فكلما هامت أشجاني، زادني الحزن ارتعاشاً، وعلى شفتي بسمة من ثغرك تُضيء لبّ القلب، فلم أودعت لجّة الصمت سراً من اختلاج حُبّ اختلطت به أنفاسي؟؟.
أيها النورس التعب من أفكارك السجينة، في قلب كل أنثى قرأت قصائدك، فكتبتها كزهرة مزقتها يد الريح وزادتها أنفاسك مآسي، خُذ عمري... خُذ روحي النابضة وتوسّد في كل ثانية أحلامي!.. واقترب مني لتعانق أنفاس كون تأملته وتأملني تراءت له أشباح وداع وتراءت لي زهور اللقاء...
حبيبي... أرسل من نورك ما تشعّ منه حواسي، فلو التقينا للمرة الأخيرة!.. فليكن لقاء بداية لا نهاية له، فالحبّ يحملنا على كفّيه يرفعنا حين تنساب الدموع في المُقل!.. حين يتّكئ الموت على أكتاف الحياة!.. حين يحيا الفرح على شفاه الأقواس حين تفوح روائح المسك!.. ليحيا كل إحساس...



 
  ضحى عبدالرؤوف المل-لبنان (2012-04-13)
Partager

تعليقات:
محمدأبو أريج /الجزائر 2012-04-16
أبعد من الحواس ليس شعرا ولا سردا ، لكنها تجمع الحسنين في تأليفة عجيبة ومثيرة ،تغامر بالبوح لكنها تتردد ، يمنعها الغياب ، غياب اللحظة التي تبيح فعل المكاشفة ، وليس (الضباب الذي يلف الكلمات) ، و(الضوء الخافت )، و(صمت المعاني) إلا شفرات تطالعنا في بدء النص لتحملنا عبء القراءة الجريئة لنص يصرخ بالرمز الذكي ، رمز لا يبيح نفسه لمن انقطعت صلتهم بتجربة المبدعة ، رمز مشروط لا تمليه اشتراطات الإثارة والإمتاع فحسب بل تفرضه أيضا إكراهات الراهن الذي يستهلك كل شيء بشراهة مقيتة ، فيكون الرمز - الحاضر في نصك - فضاء لكل الدلالات التي تنأى بنفسها عن ظاهر مريب ، إلى عمق اليقين ، وفي هذا الفضاء تكون ( الفواصل أنجما) وتتجلى السنابل غيدا حسان بقد مياس تجمع الأحبة ، وتصبح لواعج القلب الصامت فريسة عتمة الظلام الذي يطارد الأفراح بسطوة الخوف ، وتتوالى الإنزياحات لتحيل المتحابين إلى (فسحة من خيال ) هي أرحب من الواقع الذي هو أضيق من سم الخياط ، في هذه الفسحة الممتدة ترتسم علامات التعجب لتتعجب من هذا الصمت الذي يفترش الورق ! ربما لأن الكلمات لا تسعفه وأنى لها ذلك فالكلمات مقابر المعاني ، هنا يصرخ حبر القلم ، يصرخ ليكشف بعض الغموض المكبوت حينها تقرع الأجراس أجراس المعاني ، لكنها معان لا يدركها إلا مبدعوها – هكذا أرادت المبدعة - وللقراء سلطة التأويل ولا تثريب عليهم وينتهي المشهد - وليست النهاية كالبداية- ينتهي برغبة في اللقاء ، لقاء أول لانهاية له ، ليتأكد أن المنتظر لا نظير له ، هو كائن من حلم ، هو طيف من ألق، هو أبعد ما يكون ، هو أبعد من الحواس !!محمد أبو أريج من الجزائر abouaridj.med@gmail.com
البريد الإلكتروني : abouaridj.med@gmail.com

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

أبعد من الحواس...-ضحى عبدالرؤوف المل-لبنان

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia