"أحلام تمد أصابعها" إلى خنيفرة في الليلة الثانية بعد الألف-أحمد بيضي-خنيفرة-المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
متابعات

"أحلام تمد أصابعها" إلى خنيفرة في الليلة الثانية بعد الألف

على نغمات النشيدين الوطنيين المغربي والتونسي، رُفع الستار بخنيفرة عن حفل توقيع كتاب "أحلام تمد أصابعها"، الصادر عن دار الوطن للنشر والتوزيع بالمغرب، والمزين بلوحة للفنان التشكيلي سليمان الإدريسي، وهو العمل الإبداعي المشترك بين المغربي عبد الله المتقي والتونسية فاطمة بن محمود، وجاءت اللحظة فرصة تأكد فيها الحاضرون من صعوبة الحسم في الجنس الابداعي لهذا العمل، فلا هو ينتمي إلى الشعر ولا الحكاية أو القصة القصيرة جدا، بل هو عبارة عن "نصوص مفتوحة لتوريط القارئ"، وفق ما شاء المتقي وبن محمود، وأن كلماته وشخوصه مرتبة على توقيت شهريار وشهر زاد، وفي تناص سرمدي مع حكايات ألف ليلة وليلة، ولعل المتقي كان صادقا في اللقاء عندما قال إن المبدع "خُلق ليحلم لا ليحكم"، وجميعنا "نحلم بوطن مغاربي في ظرفية تستدعي التكتل" يضيف ذات المبدع المغربي. 
الحفل الذي تم تنظيمه بتوقيع "جمعية الأنصار للثقافة" بخنيفرة،  بشراكة مع "مؤسسة الأعمال الاجتماعية للتعليم"، حضره عدد متميز من المهتمين بالشأن الثقافي، ومن الجمعويين والفاعلين المحليين، إلى جانب وجوه معروفة من المبدعين الذي تحملوا صيف خرائط الوطن للمشاركة في هذا العرس الثقافي المغاربي، واستقبلتهم الجمعية المنظمة والمؤسسة الشريكة بكلمتي ترحيب عالية تقدم بهما عبدالعزيز ملوكي وعبدالرحمان بزامي، وقد اختير الناقد مصطفى داد لتقديم وتنشيط اللقاء الذي تابعه الحاضرون بشتى حواسهم الظاهرة منها والباطنية.
المبدعة التونسية فاطمة بن محمود وضعت "أحلام كتابها" جانبا لتقول بصوت عميق: "عندما زرت المغرب أول مرة وعدت إلى تونس اكتشفت أنني نسيت قلبي بالمغرب، وعندما زرته مرة ثانية تأكدت أن روحي فيه، وإذا كانت تونس هي وطني الأم فالمغرب هو وطني الإبداعي"، وعن العمل المشترك بينها وبين عبدالله المتقي أوضحت أن هذا العمل "كان ثمرة فايسبوكية"، إذ "لم التق أبدا بالمتقي بل كان تواصلنا الثقافي افتراضيا، وجاء العمل لاستعادة العلاقة المخملية والمريبة بين شهرزاد وشهريار"، وقالت بأن تعاملها مع المتقي يتجاوز ما هو شخصي إلى نحو تعامل حقيقي بين بلدين مغاربيين.
القاص أحمد شكر افتتح كلمته بخصوص العمل المشترك بين المغربي عبدالله المتقي والتونسية فاطمة بن محمود، بأن هذا العمل "لا يمنحنا دروسا نظرية في رفع الحدود بين البلدان العربية، بل هو يلغيها حينما يريد للدم العربي أن يتصالح مع محيطه وأن يمتد جاريا متألقا، على الأقل مغاربيا"، ولم يفته التحدث عن المبدع المغربي الذي "لم يجد انبعاثه ونشوته إلا في صداقات وعلاقات مع أكثر الوجوه التي صمم على توطيد صلاته بها من باب الطموح الأكثر سموا وهو التعاون الأدبي"، ومن هنا "جاء كتاب "أحلام تمد أصابعها" حلما ليس مستمدا فقط من "ألف ليلة وليلة" بل امتداد بصيغة ما لهذه الحوارية التي ربطت بين كاتبين من بلدين وجنسيتين مختلفتين لكن مكملين بعضهما البعض"، أما عن المبدعة التونسية فاطمة بن محمود فرأى فيها ذات القاص تلك "المرأة التي عاشت الثورة العربية في تجليها الربيعي وكتبت عنها بحساسية الشاعرة التقدمية المناضلة الفاعلة المتبصرة، وهي الشاعرة الرقيقة التي تغزل الكلمات وتنبني الرؤى والأحلام، والعاشقة للحياة والسفر والكتابة، تَقْصُر المسافات في حضرتها وتختفي الحواجز والحدود"، وسجل القاص أحمد شكر ما أثمرته الصداقة بين المتقي وبن محمود من كتاب قد يكون الجسر الممهد لحوارية أعمق وتعاون ممتد في الزمان.
أما الناقدة خديجة شاكر من مؤسسة نجمة للفكر والإبداع فقد وصفت اللقاء الثقافي ب"الحامل لذرة من نور يسعى إلى تبديد الظلمات التي تزحف علينا، ظلمة الفكر والرأي والرواية والحياة والوجود، والتي لا تحتاج منا أن نكون مبصرين فحسب بل أن نتوفر على ثقافة الأذن وثقافة العين، وإذا كانت تمكننا هذه الأخيرة من تحديد منظوراتنا وزوايانا نظريا فإن ثقافة السمع هي ثقافة تستلزم القرب"، تلك من مقدمة قراءة في عمل المتقي وبن محمود.
ومن جهته، قدم القاص والناقد حميد ركاطة قراءته لكتاب "أحلام تمد أصابعها"، بدء من اعتباره عملا "يصعب الحسم في صفاء جنسه الابداعي لكونه يبرز تداخل أكثر من جنس داخل حكايات تتناص مع "ألف ليلة وليلة" بشخوصها وأحداثها"، واللافت، يضيف ركاطة، "أنها حكايات تعلن بمكر أن نهاية الحكي لا مجال له ضمن بوتقة العلاقات الانسانية التي مهما تغيرت وثيرتها من صلب الحكاية الأصلية فإنها تحقق بلهفة استمرارها داخل واقع معيش"، بينما رأى "أن الاشتغال في هذه النصوص يعري عن لبنات، بقدر ما مزقت ثوب الحكاية الأصلية من خلال تدخلات سارد قلق على الدوام، مندهش من ردود أفعال الأبطال وهم منفلتون من جلباب الحكي الأصلي، خارج أجواء القصور ولياليها"، و"إذا كان القص فضاء لتلمظ الحكاية، فإن زمنه قد اعترته الدهشة حد السؤال، ولم تكشف الأحداث عن سبب حزن شهريار أو عما يقض مضجعه"، و"هذه الدهشة تحول الزمن في هذه المناورات السردية إلى انتظار قلق"، ويقول ركاطة إن التوظيف في هذه التداعيات الحرة، يخترق الزمن  والأشياء بنوع من السحر ينجلي من خلال تحول مؤثثات المكان بخلفيات أدعى للغرابة، وهي تحمل في طياتها سخرية من زيف الواقع.
منصة اللقاء جمعت المحتفى بهما على أصوات قوية من كتابهما المشترك "أحلام تمد أصابعها"، وبطريقة سحرت المكان بروحي شهرزاد وشهريار، بينما زاد المنظمون للحفل فاهتموا بإرفاق هذا العرس الثقافي بمعزوفات رقيقة للشقيقتين أسماء وصفاء ملوكي، وموسيقى الأستاذ إدريس دلال، ومواويل مغربية أصيلة، ثم قراءات شعرية للشعراء ريحانة بشير، قاسم لوباي، المصطفى شراف، عبدالعزيز أمزاز، والمحتفى بهما فاطمة بن محمود وعبدالله المتقي، وكم كانت المفاجأة جميلة في حضور الفنان "عروب" الذي أطرب الحضور بإيقاعات من وتره الذي طواه التهميش حتى أن المبدع عبدالله المتقي لم يدع الفرصة تفوته دون تقديم كلمة في حق هذا الفنان الكبير المتجذر في تربة خنيفرة التي وصفها ب"مدينة نائمة لكنها تكره الشخير"، داعيا مختلف المسؤولين إلى الالتفات إلى هذا الفنان، ومذكرا الجميع بمكانة الأغنية الشعبية في التاريخ المغربي يوم قامت إلى جانب الرصاصة في مواجهة المستعمر من أجل الحرية والاستقلال.



 
  أحمد بيضي-خنيفرة-المغرب (2012-07-30)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia