أقلام تُخرج أفلاما (حول تجربة الإخراج السينمائي لدى بعض الكتاب) السعيد كرماص-المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

ãáÝÇÊ
  ملصق فيلم الحسناء والوحش"    
أقلام تُخرج أفلاما (حول تجربة الإخراج السينمائي لدى بعض الكتاب)

بدأت تجربة استعمال السينما كشكل من أشكال التعبير الأدبي مع حركة السورياليين. وقد أفرزت جملة من الأعمال، أصبحت علامة من علامات  هذه الحركة، التي من أهم أسمائها لويس بونويل Luis Bunuel .
لكن ، للتذكير فقط ، يجب الاعتراف بأن من الأوائل الذين رحبوا واستحسنوا فن الفوتوغرافيا وبعدها بأزيد من سبعين عاما السينما هم الأدباء من كتاب وشعراء1.
كذلك اعتبر الفن السابع منذ بداياته الأولى عالم الأدب - خصوصا الروائي منه – مصدرا من مصادر الإلهام والاقتباس ، والدليل على ذلك وجود أعمال أدبية اقتبست  - ومازالت – غير ما مرة إلى السينما . بالمقابل ، نجد أدباء تعاطوا للإخراج السينمائي في لحظة من اللحظات ، بصموا خلالها مجال الفن السابع بعملهم الذي لم يكتب له النجاح غالبا ، في حين نجد مجموعة أغنت بأعمالها – وما زالت – التجربة الإبداعية السينمائية.
وباختصار ، يمكن إيجاز هذه المساهمة أو حصرها في ثلاثة مجموعات :  جيل الرواد ، من الكتاب المخرجين الذين أبدعوا في الفن السابع كما أبدعوا في الأدب  ، كتاب خاضوا تجارب فاشلة في الإخراج ثم غادروا أو عادوا إلى مجالهم الأصلي ، وكتاب الجيل الجديد الذين مازالوا يتحفون مجال السينما  بين الفينة والأخرى.
يرى معظم نقاد ومؤرخي الفن السابع أن جون فيكو (Jean Vigo)  من الرواد الأوائل الذين تعاطوا للفن السابع كمخرجين ، ولا أدل على ذلك فيلمه  "نقطة السلوك : صفر" (Zéro de conduite)   الذي تم إنجازه سنة 1993 .
إذ بالرغم من رحيل الكاتب والسينمائي جون فيكو المبكر (مات عن سن 29 ) ، فإنه أثر كثيرا في الجيل الموالي ، بل إلى اليوم ، إذ تعتبر أفلام ك "الأربعمائة جلدة" (Les 400 coups) و "الأخطاء الإملائية" (Les fautesd’orthographe) من ورثة هذا الفيلم – التحفة.
هناك أيضا أسماء لامعة في الأدب تناولت السينما كشكل جمالي تعبيري كمارسيل بانيول  Pagnol   وجون كوكتو Jean Cocteau  في ثلاثينيات القرن العشرين.
هذا وقد أتحف مجال الفن السابع ، الروائي والشاعر والرسام جون كوكتو بأعمال جميلة ومعبرة كفيلم "الجميلة والوحش" (La belle et la bête) – إنتاج سنة 1945 – الذي اعتبر بحق قمة في الإبداع في مجال الفن السابع . إذ مازال يثير إعجاب المشاهدين من جميع الأعمار إلى اليوم ، لا لشيء إلا لأن مخرجه وظف فيه الخيال والكلمات الشاعرة ، ولو أن القصة ليست من تأليفه ! 
أما مارسيل بانيول الذي سبق كوكتو  للإخراج  بما يقرب العقد من الزمان  ، فقد أخرج أفلاما  إجتماعية جميلة نذكر منها فيلمه : " زوجة الخباز" - إنتاج سنة 1938  - (La femme du bolanger)   ، ويتناول موضوع  الفيلم دور المرأة الأساسي في إنقاذ الخباز من الضياع ، لكنه يرفض في داخله الاعتراف لها ، إلى أن تقرر هي مغادرته.
 وخلافا لكوكتو  وبانيول اللذان  أخرجا عدة أفلام للسينما ، نجد الكاتب الشهير جون جيونو   Jean giono  يكتفي بإخراج فيلم وحيد ويتيم ، لكن رائع  - هو فيلم "كريزوس"  (Crésus)، حيث يلعب الممثل الفكاهي  الكبير فرنانديل    أفضل أدواره الغير فكاهية  ، وقد أنتج سنة  1960 ، وكان عمر الكاتب جيونو ساعتها  يناهز 65 سنة.
غير أن مساهمة الكاتب الروائي ألان روب غرييي   في مجال الإخراج السينمائي ، كان لها طعم خاص لكونه - ككاتب ومنظر للرواية الجديدة – أصبغ عمله السينمائي  بنكهة خاصة يغلب عليه طابع الرغبة  في التجريب ، وقد ظل وفيا لهذا المبدإ حتى وفاته سنة  2008 ، أي بعد إخراجه لفيلم  "غراديفا تناديكم"  (إنتاج سنة 2007)    C’est Gradiva qui vous appelle  ، وقبلها ب 44  سنة أخرج  فيلم  " الخالدة" Limmortelle  ،   ونال به  جائزة لويس دولوك  Luis Delluc ،  في نفس السنة.
وإذا كانت هذه المجموعة قد خاضت غمار الإخراج السينمائي ونجحت في الرهان ، فإن كُتابا آخرين دخلوا هذا الغمار وفشلوا فشلا ذريعا ، ونخص منهم على سبيل الذكر :
الكاتبة مارغريت دورا  Margarite Duras خصوصا فيلمها  لسنة  1977  بعنوان  "الشاحنة" (Le camoin)  ، حيث يتابع المتفرج  بتقنية  الصوت الخارجي     Voix offكاتبته (مارغريت نفسها) تقرأ سيناريو على ممثل (صوت جرار دو بارديو)،  في حين لايرى هذا المتفرج شيئا على الشاشة من شأنه الربط بين القراءة والصورة المُشاهدة. لدرجة أن بعض النقاد نصحوا رواد السينما بقراءة رواياتها بدل مشاهدة أفلامها.
لستيفان كينغ  ، الكاتب المشهور برواياته المشوقة ، تجربة مريرة في الإخراج السينمائي بفيلم  Maximum dverdrive  ،  إنتاج سنة  1986  ، الذي تعمد إخراجه عن تحد للمخرجين جون كاربينتر  عن فيلمه  "كريستين" ،  المقتبس عن رواية بنفس العنوان  ، وستانلي كوبريك  بفيلمه "شاينين"  (Shining)  عن رواية لكينغ بنفس العنوان أيضا.
لكن النتيجة  كانت عكسية ، حيث تيقن كينغ أن مجال إبداعه الحقيقي هو الكتابة بالقلم وليس بالكاميرا ، إلا أنه لم يتوقف عن كتابة السيناريو .
ظاهرة فرنسا "الثقافية " يمكن اختزالها في شخصية برنار هنري ليفي    واختصارا :  B.H.L ، فبالإضافة إلى ممارسة الكتابة الفلسفية والأدبية ، أنتج وأخرج مجموعة من الأفلام الوثائقية والخيالية ،  نذكر منها فيلمه  المثير للاشمئزاز الفني   "النهار والليل"  (Le jour et la nuit)  ، إنتاج سنة 1996  ، لدرجة أنه سُحب من دور العرض أياما بعد تقديمه للجمهور.
غير أن هذا لم يمنع كتابا آخرين من الجيل الجديد من الدخول في تجربة الإخراج السينمائي.
وإذ يصعب حصرهم في هذا الموجز ، يمكن ذكر بعضهم ونخص بالأساس:
- كريستوفر هونوي وفيلمه "في باريس" (Dans Paris)  ، إنتاج سنة 2006 .
- ميشيل هويلباك  وفيلمه  "إمكانية جزيرة"La possibilité d’une île  (2008). 
وتبقى تجربة الكاتب والمخرج الصيني داي سيي    بفيلمه "الخياطة الصينية الصغيرة وبازاك"  لسنة 2002  ،  من المخرجين الشجعان نظرا لطبيعة  النظام السياسي الذي يعيش فيه ، وحيث أخرج فيلمه هذا. في هذا الفيلم يدعو المخرج إلى تشجيع التربية عبر الكتاب ، رافضا كل أشكال البروباغادا السياسوية.
صحيح أن غواية الإخراج السينمائي تداعب الكثير من الكتاب والأدباء ، لكن خوض هذه التجربة قد يكون مكلفا للغاية.

 
  السعيد كرماص-المغرب (2013-12-27)
رجوع إلى الملف
   
   
مواضيع ذات صلة

-

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia