"هذه ليست قصتي" امبارك عبازي-المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

ãáÝÇÊ
  ملصق فيلم "إسم الوردة"    
"هذه ليست قصتي"

عندما شاهد القاص والروائي الأمريكي إرنست همغنواي فيلم "الشيخ والبحر" المستقى من رواية له بالعنوان نفسه، استاء من التحوير الذي طال روايته، ووقف صارخا في ظلام قاعة السينما قائلا: "هذه القصة ليست قصتي". وهو ما فتح في وجه الدارسين ونقاد السينما أبواب البحث في مدى وفاء الفيلم السينمائي للنص الروائي، لكنه لفت النظر إلى انشغالات أخرى من قبيل: ماذا يربح الأدب وماذا يخسر، حينما يحول إلى السينما؟
بيد أنه لا يتم التفكير في تحويل العمل الأدبي إلى السينما إلا حين يكون ذا صدى في الأوساط الثقافية؛ إما عن طريق الدراست النقدية التي تنكب على إبراز مكامن الأصالة فيه، أو عبر انتشاره الكبير في صفوف القراء.
لا يخفى على المتتبع إذن عجز السينما الأدبية – أي حين تحول النصوص السردية إلى السينما- وكيف تتدنى القيمة الجمالية للعمل السينمائي أحيانا أمام روعة العمل السينمائي المكتوب؛ يكفي دليلا على ذلك فيلم "اسم الوردة le nom de la tose الذي أخذ من رواية بالإسم عينه للمنظر والروائي الإيطالي إمبرطو إيكو، والذي لم يحظ بما يستحق من احتفاء، على خلاف النص المكتوب الذي بيعت منه أزيد من 27 مليون نسخة في الأسابيع الأولى لصدورها. فضلا عن هذا، تم مؤخرا تصوير رواية "ذاكرة الجسد" لأحلام مستغانمي، فلم يحصل على ما كان يستحقه من اهتمام لأنه لم يرق إلى مستوى المتعة التي قدمها النص المكتوب، تلك المتعة التي تتسرب إلى خلايا القارئ من عبر الجمال اللفظي والتنظيم المحك للحدث
وقد حدث كثيرا أن استاء بعض الكتاب من الأفلام التي استلهمت من رواياتهم على غرار هيمنغواي، مثل الروائي السوري حنامينة الذي لم يكن راضيا عن فيلم "حكاية بحار" المستمد من ثلاثيته "حكاية بحار" و"الدقل" و"المرفأ البعيد".
أما الجزء الأول من سيرة محمد شكري الذاتية الموسومة بـ"الخبز الحافي" فقد حظيت بقبول منقطع النظير سواء في الأوساط العامة أو في الوسط الثقافي ، وقد ترجمت إلى ما يزيد على 39 لغة، بيد أن هذا الانتشار الكبير للعمل الأدبي قوبل سينمائيا بالإهمال، أمر جعل الفيلم يستحق بجدارة مكانة في سلة مهملات السينما الأدبية.
وفي المقابل، هناك بعض الأعمال السينمائية التي أنجبت أعمالا روائية بواسطة الإشعاع الذي تحصل عليها حينما تعرض على مختلف فئات المجتمع؛ مثال ذلك فيلم "عمارة يعقوبيان" الذي عبد الطريق لرواية عادل الأسواني لتصل أصداؤها إلى معظم الأفراد الذين يفهمون اللهجة المصرية، حتى أن أحد الباحثين وهو سعيد علوش تساءل: من الذي أنجب الآخر، الرواية أم الفيلم؟ ومثال ذلك أيضا فيلم "ذهب مع الريح" الذي ساعد في انتشار الرواية الوحيدة لمرغريت ميتشل، وهي بالاسم عينه.
خلاصة القول ، أن السينما الأدبية تستلزم تفاعل طرفين هما: السينما والأدب. وهذا التفاعل قد يجعل أحد الطرفين متضررا. وقد تبين لنا أن هناك نصوصا روائية استفادت من انتشار السينما في صفوف الطبقات الشعبية الواسعة، وأن هناك أخرى، كانت لها قدرة تأثيرية أكبر في شكلها النصي فقدتها في شكلها السينمائي.

 
  امبارك عبازي-المغرب (2013-12-28)
رجوع إلى الملف
   
   
مواضيع ذات صلة

-

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia