الاحتفالية أولا والاحتفالية أبدا د. عبد الكريم برشيد
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

ãáÝÇÊ
  د. عبد الكريم برشيد و زوجته في حفل زفافهما    
الاحتفالية أولا والاحتفالية أبدا
ـ الاحتفالية بين الحب والمعرفة
يقول سفيان الثوري «يا هذا، تريد ما أخذته في أربعين سنة أن تخذه أنت في يوم واحد ؟»
على ضوء هذه القولة، يمكن أن نقول إن تأسيس الاحتفالية لم ينبع من فراغ، ولم يخرج من خواء، فهو فعل يتبع فعلا، وامتلاء بعد امتلاء، ولقد تشكل هذا الفعل ـ لحد الآن ـ على امتداد ثلاثين سنة، ولهذا فقد كان لهذه الاحتفالية تاريخها، وكان لهذا التاريخ ارتباط عضوي بالأفكار، وبالحالات، وبالمقامات، وبالمواقف، وبالاجتهادات، وبالمواجهات، وبالتقاطعات الفكرية، وبالتفاعلات الاجتماعية والسياسية، وكان لها أيضا جغرافيتها الخاصة، وكان لها سيرها وخط سيرها. إن تاريخ الاحتفالية إذن، ليس يوما واحدا، ولكنه أكثر من عشرة آلاف يوم، وعليه، فإن ما بناه الإحتفاليون، في هذا الحيز الزمني الطويل، لا يمكن استنساخ شبيه له، وذلك في ظرف يوم، أو في بضعة أيام، أو حتى في بضعة أعوام.
وفي واقع المسرح المغربي والعربي معا، يمكن أن نلاحظ اليوم أن الذين يزعمون الاختلاف مع الاحتفالية، لا يقدمون مسرحا مختلفا، وأن أكثر الذين يتكلمون كثيرا عن المسرح، هم الذين لا ينتجون شيئا لهذا المسرح، و لا يضيفون إليه أية إضافة معينة، سواء كانت فكرية أو أدبية ، أو كانت فنية أو تقنية أو منهجية.
يتأرجح وضع الاحتفالية اليوم في خرائط الجغرافيا الثقافية والفنية المعاصرة، بين حدين متقابلين ومتناقضين؛ بين القبول والرفض، وبين الحب والكراهية، وبين الاندماج فيها والانفصال عنها، وبين الاقتراب منها والابتعاد عنها. والأصل في كل هذه المواقف المختلفة والمتباينة هما شيئان اثنان: الحب والكراهية، ولا شيء غير ذلك. فبالمحبة نعرف هذه الاحتفالية، وبالمعرفة نحبها، ويمكن للملاحظ أن يضع يده على الحقيقة البسيطة التالية، وهي أن أكثر الناس جهلا بهذه الاحتفالية هم أكثر الناس عداء لها، وأن أكثر الناس حبا لها هم أكثر الناس قربا منها، وأكثرهم معرفة بحقيقتها وبجوهرها، وبفلسفتها، وبآدابها وعلومها وفنونها. ومن الأقوال العربية المعروفة في هذا المعنى، «الإنسان عدو ما يجهل»، الشيء الذي يدل على وجود علاقة عضوية حقيقية بين الحب والمعرفة، وبين الجهل والكراهية، ولعل هذا ما يفسر طبيعة النقد المزاجي دائما، وهو أيضا ما يمكن أن يكشف عن خلفيات النقد الغاضب والحاقد والمريض، الشيء الذي يجعل منه انعكاسا أمينا للفراغ الوجداني، وصدى للخواء العاطفي والروحي، وذلك بدل أن يكون هذا النقد تفاعلا كيميائيا وروحيا بين امتلاءين متقابلين ومتفاعلين ومتكاملين؛ امتلاء الذات العاشقة وامتلاء الذات موضوع العشق، وفي نفس هذا الارتباط، بين الحب والمعرفة، يقول جوته «لا يأخذ المرء في معرفة شيء إلا إذا كان يحبه، والمعرفة ستكون من الإحاطة والعمق بقدرما يكون الحب، بل والانفعال نفسه، أعظم قوة وأحفل حياة» 1
أما ليور دوفانسي فإنه يقول «كل وجدان كبير هو ابن لمعرفة كبيرة» وفي مقابل هذا، فإنه من الممكن أن نقول ما يلي، في غياب الوجدان تغيب المعرفة دائما، تماما كما يغيب الفكر ويغيب الفن، ولا تبقى غير الانفعالات التي ليس لها معنى، وبقدرما يكون هذا الوجدان ـ في حال وجوده ـ صغيرا وبئيسا ومنغلقا، فإن معرفته لابد أن تكون صغيرة وحقيرة ومنغلقة، وأن تكون بئيسة أيضا، وهذا ما يجعل كثيرا من الكتابات (النقدية) اليوم، مجرد شتائم، ومجرد هجائيات، الشيء الذي يجعلها استعراضا ميكانيكيا للأعصاب المتوترة، وللحساسيات المرضية الزائدة عن الحد، وذلك بدل أن تكون تعبيرا عن رصيد عاطفي، وأن تكون ترجمة لرصيد معرفي وجمالي وأخلاقي.
يقول علي بن أبي طالب، «ما حججت جاهلا إلا غلبي»، ولقد وجدت الاحتفالية نفسها مضطرة لأن تحاجج العلماء والجهلاء في نفس الوقت، وأن تخاطب أهل المحبة والذوق وأهل الكراهية معا، ولقد خرجت من هذه المواجهات بالنتيجة التالية: في حوارها مع السادة العلماء والحكماء والشعراء، انتصرت الحقيقة دائما، أما في (حوارها) مع الجهلاء، فإنه لم تنتصر إلا مولاتنا الأمية وحدها، وفي هذا انهزام للاحتفالية والاحتفاليين، وللعلم والعلماء، وللفن والفنانين، وللحكمة والحكماء، وللحقيقة وأهلها.
يقول أبو حيان التوحيدي «ما الرأي ؟ هو نهاية الفكر» إن الرأي إذن، وبهذا المعنى هو تدبير يسبقه التفكير، وما أكثر الذي يعطون آراء من غير تفكير سابق، أو الذين يقتبسون آراءهم من الغير، أو يستنسخونها، أو يستعيرونها من هذه الجهة أو من تلك، وبهذا تكون فاقدة للصلاحية وللشرعية معا، يقول برنار هنري ليفي (هناك شيء ما في ممارسة الفكر الذي يتماشى والضجة (الفكرية) فإذا وجد التفكير، وجدت معه بالضرورة الضجة) 2
أكثر كتاب النقد المسرحي حاليا لا يؤسسون مسرحهم الخاص، ولا يعطون للتجارب الإبداعية أسماءها الخاصة، ويكتفون بالكتابة السهلة والمريحة عن مسرح الآخرين، أولا، لأنه جاهز ومعروف، وأنه تام ومكتمل ثانيا، ولأنه ـ ثالثا ـ معلب في العلب الورقية والبلاستيكية البراقة، وبهذا، تبقى كل كتاباتهم ـ أو جلها على الأقل ـ في حدود الإنشائيات المدرسية الكربونية، وفي حدود التطبيقات الشكلية، للمقروء أولا، ولمناهج القراءة ثانيا، ولمناخ وطقس وأدبيات هذه القراءة ثالثا، وفي مقابل هذا الاستنساخ النقدي، تمارس الاحتفالية عملية الكتابة الحقيقية، وتبدع لغتها المغايرة، وتؤسس قضاياها الوجودية والإبداعية الحارة، وهذا ما جعلها محط اهتمام الكل، لأنها تقدم الجديد دائما، ولأنها تكتب مسرحها كتابة حقيقية، وهي بهذا لا تقتبسه، ولا تستعيره، ولا تترجمه، ولا تختلسه، من هذا المسرح أو ذاك، تماما كما أنها لا تهربه عبر الحدود الثقافية والحضارية، ولا تنتقل به من زمن إلى أخر، ومن ثقافة إلى غيرها، بعد أن يكون قد فقد مدة الصلاحية.
ـ نقطة الصفر في الاحتفال
الأصل في الاحتفالية هو الاحتفال، والأصل في هذا الاحتفال هو الإنسان، والأصل في الإنسان أنه كائن اجتماعي وتاريخي وجغرافي، فهو موجود في نسيج الزمن، وفي لحظاته الحية، وفي نسيج العلاقات الاجتماعية، وفي نسيج الأمكنة، وفي نسيج الأفكار والمفاهيم، وفي نسيج البنيات والمؤسسات، وبهذا كان كائنا احتفاليا بامتياز.
إن الاحتفال هو نقطة في سفر الوجود المفتوح؛ نقطة البدء المتجدد أو المستعاد، وليس نقطة المنتهى الثابت والجامد والمغلق والمحنط، والأساس في هذا الاحتفال، أنه فعل وانفعال، وذلك قبل لأن يكون حالة عابرة وطائرة، ولهذا الفعل فاعل، أو فواعل، وله حيز مكاني ـ جغرافي ـ وله فضاء زماني ـ تاريخي ـ وله مظاهر وظواهر متجددة، يوميا وأسبوعيا وسنويا، وله خلفيات نفسية وذهنية ووجدانية وروحية، وله طقس ومناخ، وله قوانين وأهداف، وله حالات ومقامات، وله وجوه وأقنعة، وله أبعاد ومستويات، وله أجساد وأزياء، وله أضواء وظلال، وله أحجام وأشكال، وله ألوان وأصباغ، وله ثوابت ومتغيرات.
إن الأصل في هذا الاحتفال أنه دوار، وهو جزء من الدورة الدموية، تماما كما هو جزء من دورة الأجرام في السماء، وجزء من دورة الزمن، ومن توالي الأعياد بعد الأعياد، سنة بعد سنة، وعقدا بعد عقد، وقرنا بعد قرن، من غير أن تتشابه أبدا، وكذلك هي الكتابات الاحتفالية الحيوية دائما، إنها قديمة وجديدة في نفس الآن.
و قد اختلف الجميع حول حقيقة الاحتفالية، وتضاربت مواقفهم حول مشروعها ومشروعيتها، وحول اختياراتها ومرجعياتها، وحول منهجياتها وأدواتها، وحول فكرها وعلمها، وحول أدبها وفنها، ولكنهم ـ في المقابل ـ قد اتفقوا جميعهم على شيء أساسي وحيوي واحد، وهو أنه لا يمكن تجاهل هذه الاحتفالية، أو عدم الاهتمام بها، أو عدم الإنصات إلى نداءاتها وإلى خطاباتها، أو عدم التأثر بها، سلبا أو إيجابا، أو عدم الاندهاش أمام بياناتها، وأمام إبداعاتها التي تحمل الجديد دائما، وتحمل العجيب والمثير، وتؤسس المختلف والمغاير، سواء على مستوى الرؤية، أو على مستوى الموقف، أو على مستوى درجة الجرأة والمخاطرة فيها، أو على مستوى البنية الفكرية الجمالية والأخلاقية، أو الاقتراحات والمشاريع التي تقدمها، والمؤكد أن الذين «يقرؤون الاحتفالية بالعين الناقدة وليس بالعين الحزبية أو العين الحاسدة يدركون أنها ليست حزبا أو تنظيما سريا محظورا، ومريدوها ليسوا من السلفية الجهادية أو من الإقطاعيين أو البيروقراطيين، بل هم عشاق الكلمة والحركة، وكل ما آمنت به هذه الاحتفالية «المرعبة» هو المسرح، وتعمل على ترجمته ليصبح قريبا من الناس، ومحببا من طرف جمهور عريض» 3
والمؤكد أيضا أن الخوف من الاحتفالية، سياسيا، يبقى بلا معنى، وذلك مادام أنها ليست طرفا في المعادلة الحزبية والسياسية، سواء بالمغرب، أو في العالم العربي، كما أن الخوف منها، فكريا، لا يمكن أن يكون له ما يبرره، خصوصا وأنها تؤكد دائما على أنها وجهة نظر، وعلى أنها لا تدعي امتلاك الحقيقة كلها، ولا حتى نصفها، أو ربعها، أو عشرها، كما أن الخوف منها، مسرحيا، لا يمكن أن تكون له أية علاقة بالمسرح، وذلك أن المسرح ـ في حقيقته ـ هو حوار تتعدد فيه الأصوات، وتتقابل فيه الاختيارات، وتتنوع فيه المواقف ، وأن الاحتفالية ـ في شقها المسرحي هذا ـ هي مجرد صوت من أصوات المسرح المغربي والعربي والعالمي المتعددة والمتنوعة والمتجددة، وعليه ، فإنها «لا تستحق أن نخندقها، وأن نفرض عليها كل هذا الحصار كما لو كانت تنظيما إرهابيا» 4
ـ الاحتفالية: الأصل والصورة
في التعامل مع الاحتفالية، ليس هناك اليوم غير موقفين اثنين، وفي تمثل صورتها أيضا، لا يمكن أن نجد غير لونين يتيمين، الأبيض والأسود، وبهذا تصبح ـ رغما عنها ـ أحادية البعد، وتكون أحادية المعنى، وتظل أحادية اللون، وذلك في كثير من العيون والأذهان، وهذا هو ما يؤسس طبيعة المواقف منها، ويجعلها مواقف جامدة، وغير متحركة، وغير متجددة، وغير فاعلة، وغير متنامية داخل خط الزمن، فهي إما مواقف مع الاحتفالية أو ضدها، وخارج هذا، فإننا لا نجد إلا اللاموقف وحده، أو أن نجد الموقف الشبحي والهلامي، والذي ليس له شكل ولا لون ولا ملامح حقيقية مميزة.
ويمكن أن نتساءل، إن الاحتفالية، وهي حيوية ودينامية، وهي جسد ملون بكل ألوان الطيف، وهي الواحد المتعدد، والفعل المتمدد، هل يمكن أن تختصر كلهاـ بكائنها وممكنها، وبظاهرها وخفيها ـ في صيغة واحدة، أو في صورة واحدة، أو أن تختزل كل ألوانهاـ والتي هي نفس ألوان الطبيعة والوجود والحياةـ في لون واحد، وأن يجري عليها حكم واحد أوحد؟
وبما أن الذين تخندقوا ضد هذه الاحتفالية، لم يفلحوا في هذا الموقف السلبي، ولم يربحوا أي موقع، ولم يصلوا إلى أية عتبة من العتبات، فإنه لم يبق أمامهم اليوم، سوى أن يجربوا الموقف الثاني، وأن يكونوا معها، أو فيها، بدل أن يظلوا خارجها، وأن يكونوا بذلك خارج التاريخ، وخارج الجغرافيا، وخارج منطق الأشياء، ولكن، هل يمكن أن يكون مثل هذا الانقلاب، في الرؤية والموقف، شيئا سهلا ؟ إنني أعتقد، أن الوقوف مع الاحتفالية، أصعب وأخطر بكثير، من الوقوف ضدها، وذلك لأن الأمرـ ساعتئذ ـ سيتطلب الانتقال إلى درجة الفعل، وليس الاكتفاء بالوقوف عند حد الانفعال، وسوف يستوجب ذلك فعل البناء والتأسيس ، وليس الهدم وحده، وسوف يتطلب ممارسة التفكير أيضا، لتحيين هذه الاحتفالية، ولتجديدها، ولمدها بالإضافات الفكرية والجمالية الجديدة، وليس هذا بالأمر السهل والهين.
شيء مؤكد أن التعامل الإيجابي مع الاحتفالية، خير ألف مرة من التعامل السلبي معها، وتأسيسها أحسن وأشرف وأنبل من فعل إنكار وجودها، أو التشويش على هذا الوجود، وإن ممارسة فعل الشتم، تحت عنوان النقد، أو تحت عنوان البحث العلمي، أو تحت أي عنوان آخر، ماذا يمكن أن يضيف إلى التراث الفكري والإبداعي الإنساني؟ طبعا لا شيء، وذلك لأن رفض الكائن الموجود، بدون مبرر منطقي، وبدون وجود بديل آخر، كائن حقيقة، أو ممكن الوجود، هو العبث بعينه.
إن هذه الاحتفالية، في أحد وجوهها هي نظرية، وهناك من يصادر هذا الوجود، ومن يجادل في هذا الحق، ومن يزعم «إن المسرح المغربي إذن، لم يكن في حاجة إلى نظرية تتحول، مع مرور الزمن، إلى فزاعة في الحقول الشاسعة لهذا المسرح» 5
وهذه الفزاعة الاحتفالية مفزعة بالنسبة لمن؟ ومن أين جاءت بكل هذه السلطة المرعبة التي فيها ؟ وهل لها حرس وعسس، كما قد يفهم القارئ من هذا الكلام؟ وهل لها أسلحة، خفيفة أو ثقيلة، أو مليشيا مسلحة؟
إن هذا النقد إذن، يقر بأن الاحتفالية لا تملك إلا تنظيرها، وبأن هذا التنظير المسرحي قد تجاوزه المسرح، وعليه، فإنه لا يمكن أن يشكل أية خطورة، وذلك باعتبار أنه ـ أولاـ يتحرك خارج التاريخ، وخارج سياقات المسرح، وثانيا ، باعتبار أنه مجرد تنظيرات مجردة فقط، وأن هذه التنظيرات ما هي إلا بيانات، وأن هذه البيانات أفكار وآراء وتصورات وخيالات، وأنها مجرد كلام مكتوب، ولا شيء أكثر من ذاك، ومتى كان الكلام الرمزي، والعاري من أية سلطة مادية، يمكن أن يصل إلى درجة أن يكون فزاعة مادية حقيقية، وأن يكون مقلقا ومرعبا؟ وهو مرعب، كيف؟ وبالنسبة لمن؟ إنني لا أتصور إطلاقا أن يكون هناك ناقد حقيقي يمكن أن يفزعه صدور بيان، أو أن ترعبه اقتراحات نظرية، أو أن يتضايق من الاجتهاد الفكري؟ من طبيعة الفزاعة أن تخيف العصافير في الحقول الشاسعة، ولا أظن أن النقاد الحقيقيين يمكن أن تكون لهم عقول في مستوى عقول العصافير، أو حسابات محدودة وضيقة، وأن تكون في مستوى حسابات العصافير. ولست أدري كيف يمكن لهذه الاحتفالية أن تكون «نظرية استحواذية ذات نزعة عدوانية» 6. وأن تسقط في «مطب تحول النظرية إلى إيديولوجيا ذات نزعة افتراسية» 7
إن الاحتفالية تطرح أفكارا فقط، وهذه الأفكار هي أفكارها، وهي لا تلزم أحدا غيرها، ومن كانت له أفكار مختلفة، فليعبر عنها، وليكتبها، ولينشرها، وأنا أضمن له أن (البوليس) الاحتفالي لن يصادرها، وأضمن له أيضا أن هذا البوليس لن يقصي مسرحيات المختلفين والمخالفين من المهرجانات و الملتقيات والندوات المسرحية، وأنه لن يحرمها من حقها في الدعم، كما تفعل السلطة الثقافية مع الاحتفالية والاحتفاليين اليوم، والتي يمكن أن نقول إنها قد تحولت فعلا «إلى فزاعة في الحقول الشاسعة لهذا المسرح» وأنها قد حولت مرفقا عموميا إلى كنيسة «ذات نزعة عدوانية و افتراسية».
وردا على هذه النظريةـ المفترسة والمرعبة والعدوانيةـ يتم الالتجاء إلى «استعراض مختلف الكتابات الوازنة في نقد النظرية لكل من إدوارد سعيد وتيري إجيلتون وجيرالد جراف وبول بوفيه ..» 8
وهل هذه الأسماء درست النظرية الاحتفالية؟ وهل يمكن أن تنوب عن هذا الناقد في قراءة النظرية الاحتفالية؟ وهل يمكن أن نسقط الكلام العام، عن النظرية، على تجربة فكرية لها خصوصيتها؟ وهل تكون هذه الأسماء قد مارست ـ هي أيضا ـ نقد الاحتفالية؟
وخطأ التنظير الاحتفالي أيضا، بالإضافة إلى كل ما سبق، أنه غير مدرسي، وأنه لم يتبع «تقاليد المسرح الغربي التي يتعين النظر إلى تجاربنا التنظيرية في ضوئها» 9
 
  د. عبد الكريم برشيد (2007-06-12)
رجوع إلى الملف
   
   
مواضيع ذات صلة

-

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia