الناقد السينمائي أحمد الفتوح: - الفيلم المغربي في بداياته كان متكاملا وجيد الكتابة - الكتابة السيناريستية في المغرب لا تستفيد من المحكي الشفوي أحمد الفتوح
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

ãáÝÇÊ
  الناقد السينمائي أحمد الفتوح    
الناقد السينمائي أحمد الفتوح:
- الفيلم المغربي في بداياته كان متكاملا وجيد الكتابة
- الكتابة السيناريستية في المغرب لا تستفيد من المحكي الشفوي

يجب التأكيد في البدء على أن السينما المغربية عرفت في بداياتها نوعا من التكامل مابين المكونات الأساسية للفيلم من سيناريو وتصوير ومونطاج وإخراج. وقد تحقق هذا في أفلام ك«وشمة» لحميد بناني و«الشركي» لمومن السميحي و«ألف يد ويد» و«حرب البترول لن تقع» لسهيل بن بركة و«السراب» لأحمد البوعناني. وكان السيناريو في هذه الأفلام يكتب إما بطريقة مشتركة أو أن المخرج يكون في الأساس كاتبا متميزا للسيناريو كأحمد المعنوني و مومن السميحي. وهكذا كان للسيناريو حضور مهم في نجاح وجودة هذه الأفلام.
لمحة تاريخية عن بدايات السينايو
لكن ليس أي سيناريو جيد كفيل بإعطائنا فيلما جيدا، إذ يجب أن تتوافر عدة أمور  أساسية أخرى من أجل ذلك، بحيث يحدث نوع من التكامل. فالسيناريو باعتباره كتابة على شكل متتالية تتضمن مجموعة من المكونات الأساسية كالفضاءات الذي سيصور فيها الفيلم والحبكة والبناء النفسي والسوسيولوجي للشخصيات ووصف الأحداث والعلاقات التي تربط هاته الشخصيات بعضها البعض، إضافة إلى أمر أساسي جدا، وهو الترابط الضروري وجوده بين كل هذه المكونات.
لقد كانت أول السيناريوهات التي ظهرت مع بدايات السينما العالمية للمخرج الفرنسي جورج ميلييس ابتداء من  سنة 1907، نقلا عن أعمال أدبية كروايات جول فيرن («رحلة إلى القمر» على سبيل المثال). ساعتها كانت مدة الفيلم لاتتجاوز الدقيقة الواحدة، ورغم ذلك كانت هناك حكاية. وبعد ذلك توالت الاقتباسات من الأدب، وكانت ل «ألف ليلة وليلة» حصة الأسد في عدد المرات التي تم اقتباسها للسينما.
السينما المغربية..أزمة حكي
يوجد في التراث المغربي العديد من الحكايات التي يمكن نقلها أو توظيفها سينمائيا، بل إن كل المغاربة تربوا في وسط يجيد الحكي الشفوي على الخصوص، لكن مع ذلك تبقى السينما المغربية خصوصا في فترت معينة قاصرة في هذا المجال، بل يمكننا القول أنها تعيش أزمة حكي بحيث لا يستطيع الفيلم شد انتباه المتفرج، إذ تجد بناءه هشا وشخصياته غير متماسكة وليس لها مرجعية في الواقع، والعلاقات بينها غير محبوكة، أما الأحداث فمفككة وغير منطقية ولا تشهد أي تطورطيلة لحظات الفيلم، حتى تصل إلى نهاية دراماتيكية أو سعيدة كما هو الحال في الحكاية الشعبية.                                                   
استثناءات تؤكد القاعدة!
 طبعا كانت هناك استثناءات مهمة كفيلم «حب في الدار البيضاء» لعبد القادر لقطع، حيث السيناريو مبني بكيفية جيدة وتتواجد به كل مقومات السيناريو المكتمل، وسيناريو فيلم «البحث عن زوج امرأتي» لمحمد عبد الرحمان التازي الذي كتبته بإتقان فريدة بليزيد، أو «باديس» أيضا لنفس المخرج. في هذه النماذج من السيناريوهات وجد المخرج مادة سيناريستية جيدة أعانته على التوفيق بين أفقين من الانتظار، الأول يريد أن يرى فيلما جيدا وفيه إبداع من الناحية الفنية والإستيتيقية والموضوعاتية، والثاني والذي يمثله المتفرج العادي يريد مشاهدة حكاية أو قصة بسيطة تلبي متطلباته الشعورية، وهذه الأفلام استطاعت ذلك دون السقوط في التبسيطية والميوعة، بل إن فيها نوعا من الخصوصية والتميز، الأمر الذي ينقص أغلب سيناريوهات الأفلام المغربية في فترة ما بحيث نحس ونحن نشاهد الأفلام التي اعتمدت عليها (السيناريوهات) أننا أمام شيء سبق لنا أن شاهدناه في أفلام أخرى، وأن الأحداث مكرورة والشخصيات ذات بناء ضعيف والحوارات غير مضبوطة.
حوارات تعاني من ازدواجية قاسية..
 الحوارات في الأفلام المغربية  تعاني من ازدواجية قاسية، بحيث أنها تكتب في الأصل بالفرنسية ثم تعطى لشخص آخر ليترجمها إلى الدارجة فيحملها من ذاتيته عن طريق لغة يختارها عن وعي أو بدونه تتناسق مع ذاته هو، وهكذا نجد كتابتين لنفس الحوار، الأولى للسيناريست الأصلي الذي لديه تصور لبناء الشخصيات التي تحب وتكره ولديها طموحاتها وصراعاتها من أجل تحقيق هذه الطموحات، أو من أجل حياة أفضل أو قضية ما. وبما أن أساس أي قصة هو الحوار فإن طبيعة الشخصيات تظهر من خلال ما تقوله وهكذا يتبين تصور كاتب السيناريو من خلال الحوار، لكن يأتي تصور ثان على هذا التصور وهو لواضع الحوارالثاني بالدارجة.
طبعا هناك الجانب الوصفي في السينما وهو مهم أيضا ويتضمن وصف المكان والديكورات والملابس ونوع  طريقة مشي الشخصيات إلخ.. لكن البناء النفسي للشخصية يعبر عنه بصورة أكبر عن طريق الحوار.
أحيانا يكون هناك تعاون في كتابة الحوار، لكن في أحيان أخرى لا يكون هناك هذا التعاون بل مجرد ترجمة حرة من طرف شخص آخر، هذا الأخير الذي يكون متشبعا بلهجته الدارجة الخاصة والتي هي لغته الأم ولديها حمولاتها وميكانيزماتها ورموزها الخاصة بها خصوصا أن لكل منطقة في المغرب دارجة خاصة بها، فكل كلمة على سبيل المثال تعني مكانا معينا وشكلا معينا وطريقة معينة.. ولما يأتي الممثل الذي ينتمي بدوره إلى فضاء مختلف، رغم أنه يحاول أن يجيد تقمص الشخصية إلا أننا نلاحظ نوعا من عدم التوافق بين الشخصية واللغة التي تتحدث بها، ويظهر هذا جليا في تلك الأفلام التي تدور أحداثها بمنطقة الشمال لكن الحوارات تكون من الدارالبيضاء أو من الجنوب حسب انتماء واضع الحوار والممثل أيضا، ويأتي الحوار عبارة عن خليط من لهجات عدة مناطق وغير معبر عن المنطقة التي تدور فيها الأحداث وتنتمي إليها الشخصيات، وهذه الأمور يمكن ربما أن تمر مرور الكرام بالنسبة للذين ينتمون إلى مناطق أخرى، لكن بالنسبة إلى الذين ينتمون إلى نفس المنطقة التي تدور فيها أحداث الفيلم ويعرفون دواخل لغتها أو لهجتها وخباياها، يبدولهم واضحا كيف أن كاتب الحوار والممثل ظلموا اللهجة المحلية ولم يحترموها أو يعطوها ما تستحقه من اهتمام، ولم يستطيعوا استنباط وتوظيف ما تحمله وتعبر عنه من رصيد اجتماعي وتراثي غني..وبالتالي يأثر هذا على البنية العامة للفيلم وتبدو هشاشته واضحة للعيان.

 
  أحمد الفتوح (2010-10-15)
رجوع إلى الملف
   
   
مواضيع ذات صلة

-

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia